خلال فترة خمسينيات القرن الماضي، مثّلت الحرب النووية ضد الاتحاد السوفيتي تهديدا يوميا تعايش معه الأميركيون حسب حزمة من إجراءات الوقاية السريعة لحماية أنفسهم. فبالمدارس، تعلّم الأطفال وضعية الانبطاح والاحتماء تحت الطاولة إما عن طريق المدرسين والخبراء العسكريين أو عن طريق صور متحركة أنتجت لهذا الغرض كما طلب منهم بشكل مستمر الابتعاد عن النوافذ.
أيضا، اتجه الأميركيون لبناء ملاجئ نووية، كانت عبارة عن مساحة محكمة الإغلاق صممت لحمايتهم من المخلفات النووية والتهاطل الذي يلي الانفجار النووي، بالأقبية والمساحات الخلفية لمنازلهم. كما لم تتردد مختلف المدن الأميركية في إنشاء مخابئ وملاجئ عمومية شيّد أغلبها عند سفوح المرتفعات.
عام 1955، حثّت الإدارة الاتحادية للدفاع المدني العائلات الأميركية على تخزين طعام وشراب يكفيهم لمدة أسبوع للاعتماد عليه في حال اندلاع حرب نووية ضد الاتحاد السوفيتي. ولتشجيع الأهالي على أعداد هذا المخزون، أطلقت الإدارة الأميركية برنامج "مخزن الجدة" (Grandma’s Pantry)، الذي كان مثالا على ما يجب تخزينه من غذاء استعدادا لأي طارئ، واعتمدت شعار "الجدة مستعدة دائما لحالات الطوارئ".
من جهة ثانية، امتلأت المغازات الأميركية بأمثلة عدة من "مخزن الجدة" التي أعدّت بشكل دقيق حسب نصائح الخبراء الأميركيين قبل أن تعرض للبيع على العامة. وعلى حسب العديد من المصادر، تكونت أغلب هذه المدخرات الغذائية من الحساء المعلّب والعصير ورقائق الذرة والشيكولاتة.
في خضم أزمة برلين منتصف عام 1961، وافق الرئيس الأميركي جون كينيدي على توسيع برنامج الدفاع المدني الوطني مطالبا بتوفير 200 مليون دولار لبناء ملاجئ عمومية للأميركيين. أيضا، حثّ كينيدي جميع العائلات على تشييد ملاجئ خاصة بمنازلها لتجنب الازدحام في حال وقوع الكارثة. وما بين 1961 و1965، سجّل عدد الملاجئ بالولايات المتحدة الأميركية ارتفاعا سريعا ليبلغ 200 ألف ملجأ بعد أن كان في حدود الـ60 ألفا.
وخلال فترة الستينيات، أعدّت وزارة الزراعة الأميركية، تزامنا مع أزمة الصواريخ الكوبية وارتفاع حدة التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، برنامجا مثاليا لما أطلق عليه كثيرون "طعام يوم القيامة". وقد كان هذا الطعام عبارة عن بسكويت صنع من البرغل وتوفر بكثافة بالمغازات مقابل ثمن رخيص.
إلى ذلك، مثّل هذا البسكويت إضافة للبروتين الصناعي، الذي أنتجته مؤسسات كجنرال ميلز (General Mills)، وكميات الماء الوفيرة النظام الغذائي الأمثل بالنسبة لوزارة الزراعة في حال اندلاع حرب نووية مع الاتحاد السوفيتي. في الأثناء، لم يتردد عدد كبير من الأميركيين في تنويع مصادر غذائهم داخل الملاجئ فلجؤوا لاقتناء كميات وافرة من البازلاء واللحم المعلّب.
تراجع حدة الخوف من حرب نووية
خلال فترة السبعينيات، تراجعت حدة الخوف لدى الأميركيين من إمكانية اندلاع حرب نووية مع الاتحاد السوفيتي تزامنا مع تحسن العلاقات بين الطرفين مقارنة بالسابق. من جهة ثانية، تخلى الشارع الأميركي تدريجيا عن هوسه بفكرة تهاطل أعداد هائلة من الصواريخ النووية السوفيتية على مدنهم حيث اتجهت الأغلبية حينها للتركيز على قضايا أخرى كحرب فيتنام وفضيحة ووترغيت (Watergate).