آخر من أعدم رميا بالرصاص بفرنسا.. حاول قتل الرئيس

منذ استلام شارل ديغول لمهامه كرئيس لفرنسا مطلع العام 1959، عاش عدد كبير من العسكريين الفرنسيين على وقع مخاوف من إمكانية انسحاب قوات بلادهم من الجزائر وحصول الأخيرة على استقلالها بعد حوالي 130 سنة من الاحتلال. ومنذ دخوله للإليزيه، اصطدم ديغول بالأمر الواقع حيث رفض الأخير فكرة الاحتفاظ بالجزائر ومنح الجزائريين نفس حقوق الفرنسيين التي اقترحها الحاكم العام السابق للجزائر جاك سوستال (Jacques Soustelle).

وتدريجيا، اتجه ديغول لفرض فكرة حتمية استقلال الجزائر وخروج الفرنسيين منها مثيرا بذلك غضب عدد كبير من العسكريين، من أمثال المهندس العسكري والملازم جان بستيان تيري (Jean Bastien-Thiry)، الذي اعتبروا قرار ديغول خيانة للفرنسيين وحلفائهم بالجزائر.

الانسحاب من الجزائر

ومع توقيع اتفاقية إيفيان (Évian) حول استقلال الجزائر بين الوطنيين الجزائريين، أعضاء جبهة التحرير الوطني، وممثلو الحكومة الفرنسية يوم 18 آذار/مارس 1962، تهافت الأقدام السوداء (Pieds-Noirs)، أي المستوطنون الفرنسيون الذين عاشوا أو ولدوا بالجزائر، على عجل نحو فرنسا خوفا من ردة فعل الجزائريين. وفي الأثناء، شهدت الجزائر أحداث عنف دامية عمد خلالها أنصار جبهة التحرير الوطني لملاحقة الحركيين، أي الجزائريين الذين حاربوا ضد جبهة التحرير الوطني بحرب الاستقلال، وقتل عشرات الآلاف منهم.

وكالعديد من رفاقه، وصف المهندس والعسكري الفرنسي جان بستيان تيري، الذي لعب في وقت سابق الدور الأبرز في ابتكار صاروخ أرض أرض 10 (SS.10) الفرنسي المضاد للدبابات، استقلال الجزائر بالأمر المشين واتهم ديغول بخيانة الوطن والتنكر للفرنسيين وحلفائهم بالجزائر. وبمساندة عدد من المنظمات الفرنسية المعارضة والرافضة لتصرفات الرئيس، اتجه جان بستيان تيري للتخطيط لمحاولة اغتيال ضد ديغول عن طريق استهداف الموكب الرئاسي.

محاولة اغتيال وإعدام

يوم 22 أغسطس 1962، حصل جان بستيان تيري على معلومات من مخبر، لم يتم تحديده لليوم، حول مغادرة الرئيس ديغول وزوجته لقصر الإليزيه استعدادا للتوجه نحو إقامته. وبكلامار الصغير (Petit-Clamart) بالضاحية الجنوبية لباريس، هاجم ستة مسلحين سيارة الرئيس وأطلقوا عليها وابلا من الرصاص. وفي البداية، حاول المهاجمون استهداف عجلات السيارة لشل حركتها. ومع فشلهم في ذلك، حاول عدد منهم ملاحقة السيارة وأطلقوا رصاصات نحو مكان تواجد الرئيس ديغول بالخلف دون أن يتمكنوا من إصابته.

ولحسن حظه، تمكن ديغول من النجاة بفضل براعة سائق السيارة الذي نجح في المراوغة وإرباك المهاجمين متفاديا العديد من الطلقات النارية.

لاحقا، ألقت الشرطة الفرنسية القبض على جميع المهاجمين وعلى رأسهم جان بستيان تيري الذي اعتقل فيما بعد عقب عودته من احدى البعثات العلمية ببريطانيا. وبسبب انتمائهم للجيش الفرنسي، مثل المتهمون أمام القضاء العسكري ليصدر فيما بعد حكم بالإعدام رميا بالرصاص في حق جان بستيان تيري ومتهم آخر.

وبسبب عدم قدرتهما على استئناف حكمي الإعدام، أصبحت حياة المتهمين بين يدي الرئيس ديغول الذي أيد الحكم بحق تيري، بسبب تدبيره للعملية، وصفح عن رفيقه.

يوم 11 مارس 1963، أعدم جان بستيان تيري رميا بالرصاص ليفارق الحياة وهو في الخامسة والثلاثين من العمر. ومن ناحية أخرى، مثّل جان بستيان تيري آخر شخص يعدم رميا بالرصاص بفرنسا حيث تواصل تنفيذ أحكام الإعدام لحدود العام 1977 بطرق أخرى مختلفة كان آخرها بالمقصلة عام 1977 في حق التونسي حميدة الجندوبي.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: