يوم 24 تموز/يوليو 1915، اهتزت الولايات المتحدة الأميركية على وقع واحدة من أسوأ الكوارث البحرية على مر تاريخها. فعقب سجل حافل بالمآسي البحرية بداية من حادثة السفينة سلطانة التي غرقت عام 1865 وتسببت في مقتل نحو 1200 شخص مرورا بالسفينة هرمان عام 1869 وانفجار البارجة الحربية ماين سنة 1898 وصولا للسفينة جنرال سلوكوم "General Slocum" التي غرقت عام 1904 ساحبة معها ألف شخص نحو القاع، شهدت البلاد عام 1915 كارثة السفينة أس أس إيستلاند "SS Eastland" التي انقلبت عند منطقة البحيرات الكبرى متسببة في مقتل مئات الأشخاص.
سفينة عانت من مشاكل عديدة
فقد باشرت مؤسسة جينكس لبناء السفن"Jenks Ship Building" العمل على صناعة سفينة أس أس إيستلاند خلال العام 1902 عقب تلقيها لطلب رسمي من قبل مؤسسة ميشيغان للسفن البخارية.
وقد تم الانتهاء من العمل على هذه السفينة بحلول شهر أيار/مايو 1903 قبل أن تدخل الخدمة رسميا يوم 16 تموز/يوليو 1903 في خضم رحلتها التجارية الأولى. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، قدّر وزن أس أس إيستلاند بأكثر من 1900 طن، وبلغ طولها 81 مترا بينما قاربت سرعتها 16.5 عقدة، كما كانت أثناء الفترة الأولى قادرة على نقل حوالي 3 آلاف مسافر دفعة واحدة.
وخلال السنوات التي سبقت الكارثة، تعرضت سفينة أس أس إيستلاند للعديد من الحوادث. فمنذ العام الأول، كادت السفينة أن تغرق عقب تسرب المياه إليها، كما واجهت مشاكل عدة بمحركاتها وعانت خلال شهر آب/أغسطس 1903 من تمرد عدد من طاقمها العاملين بقسم المحركات بسبب عدم حصولهم على البطاطس بوجبة الإفطار.
وما بين سنتي 1904 و1906، واجهت أس أس إيستلاند حوادث أخرى كادت تتسبب في غرقها بسبب حمولتها الزائدة. وأمام هذا الوضع، فضّل المسؤولون التقليص من عدد ركابها فحددوا العدد الأقصى للركاب بنحو 2800 راكب فقط.
من جهة ثانية، عانت اس أس إيستلاند من بعض الأخطاء في التصميم جعلتها غير مطابقة لعدد من معايير سفن مطلع القرن العشرين.
وعقب كارثة التايتانيك سنة 1912، مررت الولايات المتحدة الأميركية قانونا ألزم جميع شركات الملاحة البحرية بتزويد سفنهم بقوارب نجاة كافية لكامل الركاب.
ومع تمرير هذا القانون، واجهت أس أس إيستلاند مشكلة ثانية، حيث زادت قوارب النجدة الإضافية من حمولة السفينة وجعلتها عرضة لفقدان توازنها بعرض البحر.
844 ضحية وغياب التعويضات
يوم 24 تموز/يوليو 1915، كان من المقرر أن تنقل أس أس إيستلاند، التي اشترتها مؤسسة سانت جوزيف للبواخر مقابل 150 ألف دولار، عددا من عمال مؤسسة وسترن إلكتريك (Western Electric) من شيكاغو لقضاء العطلة رفقة عائلاتهم بمدينة ميشيغان بولاية أنديانا.
في حدود الساعة السابعة صباحا، تهافت الركاب على السفينة واتجه العديد منهم للنزول نحو الطابق السفلي للسفينة لتجنب الطقس الصباحي البارد. وبعد مضي 15 دقيقة فقط، باشرت أس أس إيستلاند بفقدان توازنها فمالت بشكل طفيف نحو جانبها الأيسر، تزامنا مع تزايد عدد الركاب، قبل أن تميل بشكل كامل بعد مضي دقائق لتسقط على جانبها الأيسر وتتسبب في كارثة اهتزت على وقعها الولايات المتحدة الأميركية.
إلى ذلك، أسفرت هذه الكارثة عن وفاة 844 شخصا كان من ضمنهم 472 امرأة و290 طفلا، إضافة لنحو 82 رجلا. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، سحق كثيرون ممن تواجدوا على دكة الميناء تزامنا مع وقوع السفينة بينما غرق آخرون بسبب عدم قدرتهم على السباحة.
وعلى الفور، فتحت السلطات الأميركية تحقيقات استمرت لعقدين من الزمن.
وتزامنا مع وفاة المهندس على متن السفينة جوزيف إريكسون "Joseph Erickson"، فضّل المسؤولون إلقاء اللوم عليه وتبرئة بقية المتهمين ليغلق بذلك ملف القضية بشكل نهائي خاصة مع فشل عائلات ضحايا الكارثة في الحصول على تعويضات ملموسة.