إن الأشخاص أصحاب الدخل المرتفعة هم "أكثر فخرًا وثقة وأقل خوفًا"، بحسب ما نشرته صحيفة "ديلي ميل" نقلًا عن دورية Emotion العلمية.
وقام باحثون في الولايات المتحدة وسنغافورة بتحليل بيانات الدخل ونتائج الاستبيان لـ1.6 مليون شخص في 162 دولة، من بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا وألمانيا وفرنسا واليابان.
وارتبط الدخل المرتفع بتمتع أصحابه بـ"مشاعر احترام الذات" الأكثر إيجابية مثل الثقة والفخر والتصميم، بينما كان للدخل المنخفض تأثير معاكس، حيث كشف عن معاناتهم من عواطف تتعلق بالطريقة التي ينظرون بها لأنفسهم، مثل الشعور بالعار أو الفشل.
أكثر مالًا وأقل تعاطفًا
كما توصل الباحثون إلى أن حزمة الأجر الكبيرة يمكن أن تحول أصحابها إلى نوع من الوحوش، حيث تبين أن أولئك الذين يحصلون على أجور عالية ليسوا بالضرورة أكثر تعاطفًا أو حبًا للآخرين.
وكانت النتائج متشابهة في كل من البلدان ذات الدخل المرتفع، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة والبلدان النامية مثل أنغولا وكمبوديا وبوركينا فاسو.
وقال الباحث بروفيسور إيدي إم دبليو تونغ، أستاذ علم النفس بجامعة سنغافورة الوطنية: "لا ينبغي التقليل من تأثير الدخل على صحتنا العاطفية. إن امتلاك المزيد من المال يمكن أن يلهم الثقة والتصميم بينما كسب أقل يرتبط بالكآبة والقلق"
الأكثر شمولًا
في "أكثر تحليلاتهم شمولاً حتى الآن"، أجرى الفريق تحليلاً مستقلاً لخمس دراسات سابقة تضمنت مسحًا لأكثر من 1.6 مليون شخص حول العالم.
بالإضافة إلى توفير بيانات الدخل، شرح المشاركون إلى أي مدى شعروا بمشاعر متعددة في الأيام والأسابيع الأخيرة، من بينها "مشاعر احترام الذات" الإيجابية والسلبية.
تعريف احترام الذات
عرّف الباحثون احترام الذات على أنه "المدى الذي يشعر به الناس ويفكرون به في أنفسهم بشكل جيد أو سيئ". ومن ثم، فإن الآراء الإيجابية للفرد – بما يشمل الثقة والفخر والتصميم – هي مشاعر إيجابية تجاه احترام الذات. وفي المقابل، ترتبط مشاعر احترام الذات السلبية بآراء غير مواتية للذات.
وقال الباحثون إن هذه المشاعر تنشأ من الظروف التي تضع الذات في ضوء سلبي، وتجعل المرء يشعر بالسوء تجاه نفسه، مثل الفشل في تحقيق هدف مهم أو الاحتفاظ به، وعدم القدرة على تجنب أو تقليل التهديد، والتسبب في خطأ أخلاقي.
وتشمل الشعور بالحزن والخوف والعار، والتي ترتبط على التوالي بالخسائر الشخصية والتهديدات القهرية والضعف الأخلاقي، مما يدفع المرء إلى الشك أو الانتقاد للذات.
وربما يتساءل الأفراد الذين يشعرون بهذه المشاعر عن قدرتهم على تحقيق أو السيطرة على الموقف أو القيام بالشيء الصحيح، وربط الذات بأوجه قصور كبيرة.
فخر ورضا وثقة
وذكر الخبراء في ورقتهم البحثية: أن "الدخل تنبأ بمشاعر احترام الذات بنفس القوة التي كان معروفًا عنها للتنبؤ بتقييم الحياة". وبالتالي، فإن امتلاك المزيد من المال يجعل الناس يشعرون بمزيد من الفخر والرضا والثقة ويكونون أقل حزنًا وخوفًا وخجلًا. كما تضمنت التحليلات أيضًا فئة من المشاعر التي يشعر بها المشاركون تجاه الآخرين، مثل الحب أو الغضب أو التعاطف. لكن على عكس مشاعر احترام الذات، لم تجد الدراسات صلة ثابتة بين مستوى الدخل وكيف يشعر الناس تجاه الآخرين.
وقال بروفيسور تونغ: "إن امتلاك المزيد من المال لا يجعل المرء بالضرورة أكثر تعاطفًا وامتنانًا، وربما لا تساهم الثروة الأكبر في بناء مجتمع أكثر رعاية وتسامحًا".
زيادة دخل الفرد
كما أوضحت النتائج أنه من الممكن أن يعاني المقيمون في البلدان، التي تشهد حالات من الاكتئاب الاقتصادي بشكل خاص من مشاكل الصحة النفسانية، والتي توضح الاستطلاعات أنها تدني قيمة الذات.
قال بروفيسور تونغ: إن "السياسات التي تهدف إلى زيادة دخل الفرد العادي وتعزيز الاقتصاد قد تساهم في الرفاه العاطفي للأفراد".
غالبًا ما يتم التحقيق في الصلة بين المال والسعادة، ولكن وفقًا للفريق، لا يوجد دليل ثابت على ما إذا كان الوصول إلى تحقيق الثروات يجعل الناس يشعرون بتحسن. على الرغم من ذلك، فإن هناك "دليل قوي" على أن الدخل المرتفع يجعل الناس يقيّمون حياتهم بشكل أفضل – وهو تمييز دقيق.
مشاعر الرفاهية
وجدت ورقة بحثية أخرى، أجراها باحثو من جامعة بوردو ونُشرت في يناير، أن مشاعر الرفاهية تستمر في الارتفاع مع زيادة الدخل، مما يدحض فكرة أن هناك نوعًا من نقطة التوقف، حيث كان بحث سابق قد أرجح أن هناك سقف للدخل الشخصي والسعادة وأن المبلغ المثالي للرفاهية يتراوح بين 60,000 إلى 75,000 دولار في السنة.
لكن تتعارض النتائج مع ما توصلت إليه دراسة، نُشرت نتائجها في دورية PNAS، والتي توصلت إلى أن هناك ارتفاعًا مستمرًا في الرفاهية والرضا عن الحياة بمئات الآلاف من الدولارات بعد هذه النقطة.