أعاد السلام لأوروبا.. هذا التحالف ساهم بظهور الثورة الصناعية

عقب سنوات الحروب النابليونية التي أسفرت عن سقوط ملايين الضحايا، اتجه أبرز ملوك وأباطرة أوروبا للبحث عن اتفاقية للحفاظ على السلم والاستقرار بالقارة الأوروبية. فمع نهاية الحقبة النابليونية عقب هزيمة نابليون بونابرت بمعركة واترلو (Waterloo) يوم 18 حزيران/يونيو 1815 ونفي الأخير نحو جزيرة سانت هيلينا بعرض المحيط الأطلسي، اقترح القيصر الروسي ألكسندر الأول خلال مؤتمر فيينا، الذي أعاد رسم خريطة أوروبا، إنشاء تحالف للحفاظ على السلام بأوروبا وحمايتها من التيارات الثورية التي باتت تهدد أجزاء هامة منها منذ فترة الثورة الفرنسية.

عدالة وتعاون وسلام

يوم 26 أيلول/سبتمبر 1815، أبرم كل من القيصر الروسي ألكسندر الأول والإمبراطور النمساوي فرانسيس الثاني (Francis II) والملك البروسي فريدريك وليام الثالث (Frederick William III) اتفاقية باريس التي نشأ على إثرها التحالف الذي تعهّدت بموجبه صوريا كل من روسيا والنمسا وبروسيا بالحفاظ على قيم العدالة التعاون والسلام.

وفي حقيقة الأمر، اختلفت دوافع نشأة هذا التحالف عما أعلن عنه الموقعون حيث ظهرت هذه الاتفاقية الموقعة لباريس بغية الحفاظ على ما صدر عن مؤتمر فيينا ومواجهة التيارات الثورية والتحررية التي تصاعدت وتيرتها عقب الحروب النابليونية ما بين عامي 1803 و1815.

وبادئ الأمر، رفض البريطانيون الالتحاق بالتحالف مؤكدين على معارضتهم لفكرة التدخل بشؤون الدول الأوروبية الأخرى. واعتمادا على دهائه السياسي، تمكّن الدبلوماسي النمساوي كليمنس فينزل فون ميترنيش (Klemens Wenzel von Metternich) من الضغط على البريطانيين لينجح بذلك في ضمهم للتحالف الذي تحوّل سريعا لتحالف رباعي.

النهاية

ومع عودة لويس الثامن عشر واعتلائه لعرش فرنسا عقب رحيل نابليون بونابرت، تمكّن الدبلوماسي الفرنسي تاليران خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1815 (Talleyrand) من ضم فرنسا لهذه الاتفاقية التي سرعان ما تحوّلت، بدعم من الدبلوماسي النمساوي ميترنيش، لتحالف تمكن من قمع العديد من الحركات التمردية والتيارات القومية بكل من الأراضي البولندية والدويلات الإيطالية وإسبانيا.

ولإثبات حسن نواياها وتأكيد القطيعة مع ماضيها الثوري، تدخلت فرنسا عام 1823، بتأييد من التحالف، بإسبانيا لإعادة الملك فرديناند السابع (Ferdinand VII) لسدة الحكم عقب مواجهته لتمرد ليبرالي. وفي خضم هذا التدخل العسكري الذي لم يلق ترحيبا كبيرا من قبل الفرنسيين، أرسل الملك لويس الثامن عشر نحو 60 ألف عسكري فرنسي لدعم فرديناند السابع الذي سرعان ما نجح في إعادة بسط نفوذه على كامل أرجاء إسبانيا.

مع وفاة القيصر ألكسندر الأول مطلع شهر كانون الأول/ديسمبر 1825، عرف التحالف بداية نهايته. من ناحية أخرى، واصلت العديد من الإمبراطوريات تدخلها بشكل منفرد بالعديد من المناطق، خاصة بالدويلات الإيطالية، لوضع حد للنزعات والتمردات القومية.

إلى ذلك، خلق هذا التحالف جوا من السلام والاستقرار بأوروبا مساهما بذلك في تسهيل دور البرجوازيين الذين سرعان ما أقحموا أوروبا بعصر الثورة الصناعية.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: