ما بين عامي 1789 و1799، عاش الفرنسيون على وقع أحداث الثورة الفرنسية التي سقط خلالها مئات آلاف القتلى إما أثناء الحروب أو بسبب المقصلة. فإضافة لحربها ضد النمساويين والبروسيين والبريطانيين، عاشت فرنسا ما بين عامي 1793 و1796 على وقع حرب الفونديه (Vendée) التي قتل خلالها ما يزيد عن 150 ألف شخص. فضلا عن ذلك، عانت البلاد من ويلات عهد الإرهاب وتسلط لجنة السلامة العامة، بقيادة ماكسيمليان روبسبيار، والمحكمة الثورية التي أرسلت عشرات الآلاف من المواطنين الفرنسيين نحو المقصلة بساحة الثورة بباريس.
وفي خضم الثورة، امتدت شفرة المقصلة لتطال الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت قبل أن يلحق بهما عدد من كبار قادة الثورة الفرنسية من أمثال جورج دانتون وكامي ديمولان وماكسيمليان روبسبيار.
إلى ذلك، كان الملك الفرنسي لويس السادس عشر قادرا على وقف تردي الوضع بفرنسا ومنع قيام الثورة لولا ارتكابه لخطأ حال صعوده على العرش عام 1774.
مشاكل مع البرلمان
خلال فترة النظام القديم، لم يكن للبرلمان بفرنسا أية وظيفة سياسية حيث أوكلت إليه وظائف أخرى ارتبطت بمجال القانون كان من ضمنها تسجيل القوانين الصادرة عن الملك ووزرائه. وتدريجيا، سمح البرلمانيون لأنفسهم بمخاطبة الملك للتعبير عن رفضهم واحتجاجهم على عدد من القوانين التي اعتبروها مخالفة لقواعد البلاد. وفي حال رفض تسجيل أحد القوانين من قبل البرلمانيين، اضطر الملك الفرنسي حينها للتوجه للقضاة لضمان تمريره بأي ثمن.
ولوضع حد لعقبة البرلمان، أمر الملك الفرنسي لويس الرابع عشر (Louis XIV) عام 1673 بسحب حق الاحتجاج، ورفض تسجيل القوانين، من البرلمانيين. ومع وفاة لويس الرابع عشر عام 1715، وافق الوصي على العرش فيليب الثاني (Philippe II)، دوق أورليان، على إعادة حق الاحتجاج للبرلمانيين أملا في كسب دعمهم.
بداية من العام 1760، واجه الملك الفرنسي لويس الخامس عشر (Louis XV) مشاكل عديدة مع البرلمانيين والقضاة المنحدرين من منطقة رين (Rennes). وبدعم من زملائهم بباريس، أرسل البرلمانيون العديد من الاحتجاجات للملك لويس الخامس عشر وعارضوا سلطة الحكم الوزاري الثلاثي الذي ضم الوزراء أغيون – تيراي – موبيو (Aiguillon-Terray-Maupéou).
نفي البرلمانيين
بدعم من وزيره موبيو، اتجه لويس الخامس عشر لوضع حد للبرلمان. وخلال شهر يناير 1771، اعتقل ونفي جميع البرلمانيين عقب إعفائهم من مهامهم. لاحقا، شكّل لويس الخامس عشر برلمانا جديدا تميّز بتأييده للملك ووزرائه واتجه لمواجهة الاحتجاجات التي نظمت ضدّه.
مع رحيل لويس الخامس عشر عام 1774، ورثه حفيده لويس السادس عشر، البالغ من العمر حينها 20 عاما، وأعاد البرلمانيين المنفيين لمهامهم وعزل عددا من وزراء جدّه أملا في كسب مزيد من الشعبية بين الفرنسيين.
وإيمانا منه بقيامه بخطوة جيدة، ارتكب لويس السادس عشر منذ بداية حكمه أولى الأخطاء التي سرعان ما قادت البلاد نحو الثورة. فخلال السنوات التالية، عارض البرلمانيون وأعاقوا العديد من قرارات وإصلاحات لويس السادس عشر التي كانت قادرة على تحسين ظروف حياة الفرنسيين.