لم تتردد الولايات المتحدة خلال الثلاثينيات، أثناء الفترة الرئاسية لفرانكلن روزفلت في طرد مئات الآلاف من المكسيكيين من على أراضيها. فبدلاً من إشراكهم ببرامج المساعدات الاجتماعية أثناء الكساد الكبير.
فقد فضّل الأميركيون التخلص من اليد العاملة المكسيكية عن طريق ترحيل المكسيكيين لوطنهم أملا في توفير فرص عمل إضافية للأميركيين وتخفيف عبئ البطالة والأزمة الاقتصادية بالبلاد.
وضمن برنامج براسيرو (Bracero) الذي بدأ خلال الحرب العالمية الثانية، اتجهت الولايات المتحدة لاستقطاب نحو 300 ألف مكسيكي لتعويض الأميركيين المتطوعين بالجيش والعمل بالمجال الفلاحي مقابل أجور زهيدة.
لكن مع تزايد عدد المكسيكيين الوافدين على أراضيها، فضّلت الولايات المتحدة عقب نهاية الحرب العالمية الثانية التخلص من الكم الهائل من المهاجرين الجنوبيين المقيمين بولاياتها عن طريق برنامج جديد لترحيلهم عرف بعملية ويتباك (Wetback).
خطة ترحيل المكسيكيين
وعبر حوالي 4.5 مليون مكسيكي الحدود الأميركية المكسيكية بشكل قانوني للعمل بالولايات المتحدة الأميركية ما بين 1942 ومطلع الستينيات بحسب عدد من التقديرات.
وإضافة لهؤلاء، تحدثت السلطات الأميركية عن توافد مئات الآلاف من المكسيكيين الآخرين على أراضيها بشكل غير قانوني خلال نفس الفترة.
كما، أصبحت العديد من القطاعات بعدد من الولايات ككاليفورنيا، مرتكزة بشكل شبه تام على العمال المكسيكيين الذين لم يتردد أصحاب المؤسسات والمشاريع في تشغيلهم دون التثبت من قانونية إقامتهم بالبلاد.
وعقب جولة بجنوب كاليفورنيا خلال شهر آب/أغسطس 1953، دق المدعي العام الأميركي هنري براونيل (Henry Brownell) ناقوس الخطر وتحدّث عن تواجد عدد هائل من المكسيكيين المقيمين بشكل غير قانوني بالمنطقة.
وأكد على ضرورة التصدي لهذه الظاهرة. وأمام هذا الوضع، وضع مفوض الهجرة والجنسية بإدارة الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور الجنرال جوزيف ماي سوينغ (Joseph May Swing) خطة عرفت بعملية ويتباك لترحيل أكبر عدد ممكن من المهاجرين المكسيكيين عن طريق نقلهم نحو الحدود الجنوبية وتسليمهم للسلطات المكسيكية التي وافقت على استقبالهم تزامنا مع النقص الفادح في اليد العاملة الذي عانت منه المكسيك حينها.
ترحيل 1.3 مليون مكسيكي
واعتمادا على تكتيكات عسكرية، باشرت قوات حرس الحدود والمؤسسات الأمنية المحلية الأميركية عملية ملاحقة المكسيكيين داخل المدن.
وأثناء الاعتقالات، استخدم الأمنيون الأميركيون غالبا عبارات عنصرية ومهينة ضد المكسيكيين تزامنا مع تزايد الشعور المعادي للمكسيكيين بكل من كاليفورنيا وتكساس.
في خضم عملية ويتباك، كدّس الأمنيون الأميركيون المكسيكيين داخل الحافلات والبواخر والطائرات بشكل غير لائق قبل نقلهم نحو مناطق نائية بالمكسيك.
وفي أوج عمليات الترحيل، غادرت أسبوعيا 3 طائرات مملوءة بالمكسيكيين مدينة شيكاغو باتجاه الحدود الجنوبية.
وبتكساس، نقل حوالي 25 بالمائة من المرحّلين المكسيكيين على متن قوارب في ظروف صعبة شبهها كثيرون حينها بظروف نقل العبيد الأفارقة نحو الولايات المتحدة الأميركية بالقرون الماضية.
وضمن عملية ويتباك التي صنّفت كأكبر عملية ترحيل بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية، رحّل خلال بضعة أشهر ما يزيد عن 1.3 مليون مكسيكي نحو وطنهم. فضلا عن ذلك، تواجد ضمن هؤلاء المرحّلين مئات الآلاف ممن حملوا الجنسيتين الأميركية والمكسيكية.