أكبر مخادع في التاريخ.. تحايل على البيت الأبيض والبحرية والخارجية الأميركية 

على مر التاريخ، لم يتردد كثيرون في تزوير هوياتهم وانتحال صفات شخصيات مرموقة لتحقيق أهدافهم وبلوغ درجات هامة بالمجتمع. فإضافة للخادمة ماري بيكر (Mary Baker)، ابنة الإسكافي بقرية ويثريدج، التي انتحلت شخصية أميرة منطقة كارابو (Caraboo)، الخيالية، وخدعت العديد من سكان الجنوب الغربي لإنجلترا لتحصل على الاحترام والتقدير وترفع من شأنها بالمجتمع بالنصف الأول من القرن التاسع عشر، يذكر التاريخ اسم الرجل الأميركي ستانلي كليفورد ويمان (Stanley Clifford Weyman) الذي ذهب لأبعد من ذلك بكثير تزامنا مع نجاحه في خداع البحرية والدبلوماسيين الأميركيين.

ولد ويمان يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1890 بمنطقة بروكلين (Brooklyn) بولاية نيويورك الأميركية. وبسبب الإمكانيات المحدودة لعائلته، لم يتمكن الأخير من تحقيق حلمه بأن يصبح يوما ما طبيبا حيث افتقر والده للمال الكافي لتسجيله بالجامعة. وبسبب ذلك، عمل ويمان بعدد من الوظائف البسيطة وانتحل بين الفينة والأخرى صفات هامة بالمجتمع ليتمكن من الجلوس رفقة شخصيات مرموقة ومعروفة بالبلاد.

موجة انتحالات على مستوى رفيع

وباشر ويمان أعماله التحيلية عام 1910. فخلال تلك السنة، انتحل هذا الشاب الذي شارف على الثلاثين من العمر صفة دبلوماسي أميركي مقيم بالمغرب ليحظى باحترام الجميع بنيويورك ويتمكن من دخول أفخم المطاعم لكن ولسوء حظّه كشف الأخير من قبل الصحافيين الذين شهروا به لينتهي به المطاف في السجن بتهمة التحيّل.

ومع خروجه من السجن، عاد ويمان لأعمال التحيّل ثانية. وعام 1915، انتحل هذا الرجل الأميركي صفة ملازم وملحق عسكري لبلاده بصربيا. ومع انكشاف أمره، انتحل صفة دبلوماسي مرموق بالسفارة الرومانية بالولايات المتحدة الأميركية. ومن خلال فضيحة هزّت البحرية الأميركية، عمد هذا الرجل، منتحلا صفة الدبلوماسي الروماني ومرتديا الثياب الشعبية الرومانية، للقيام بزيارة تفقدية للبارجة الحربية الأميركية يو أس أس ويومينغ (USS Wyoming)، حيث استقبل استقبالا رسميا من قبل طاقم السفينة وقائدها الذين قدّموا له التحية.

لاحقا، تفطّن مكتب التحقيقات الفيدرالية لما قام به ويمان. وعلى الفور، ألقى العملاء القبض على هذا المتحيّل الذي أرسل لقضاء عام بالسجن.

مع نهاية فترة سجنه، عاد ويمان لمهمة التحيّل وانتحال الشخصيات. وعام 1917، انتحل الأخير صفة ملازم هام بالجيش البريطاني ليقود زيارة لإحدى الثكنات العسكرية ببروكلين، حيث ألقي القبض عليه مجددا وسُجن.

عام 1921، استغل ويمان زيارة قامت بها الأميرة الأفغانية فاطمة للولايات المتحدة الأميركية لينتحل صفة مسؤول هام بالبحرية الأميركية. وبسبب إهمال الإدارة الأميركية لزيارة الأميرة فاطمة، التي اعتبرت بلا قيمة، استغل ويمان الفرصة ليتقرب من الأميرة ويخبرها بقدرته على تنظيم لقاء بينها وبين عدد من الشخصيات المرموقة بالبلاد.

ومع حصوله على مبلغ 10 آلاف دولار من الأميرة فاطمة، اتجه الأخير للتنقل نحو واشنطن، رفقة الأميرة فاطمة، ونظّم لقاءات ومواعيد بينها وبين عدد من أعضاء مجلس الشيوخ قبل أن ينجح في خداع عدد من العاملين بمكتب وزارة الخارجية لينظم لقاء رسمي بين هذه الأميرة الأفغانية ووزير الخارجية تشارلز إيفانز هيوز (Charles Evans Hughes) والرئيس الأميركي وارن هاردنغ (Warren G. Harding).

ومع انتشار صوره رفقة الأميرة فاطمة، كشفت الإدارة الأميركية حقيقة شخصية ويمان ليعتقل بذلك ويرسل لقضاء عامين بالسجن.

إلى ذلك، لم تتوقف حياة التحيّل لدى ويمان عند هذا الحد. فخلال السنوات التالية، انتحل الأخير صفة طبيب بجنازة الممثل الشهير رودولفو فالنتينو (Rudolph Valentino) كما تقلّد صفات عديدة أخرى طيلة فترة الثلاثينيات. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، اتجه هذا الرجل لتعليم الشباب الأميركي طرقا للإفلات من الخدمة العسكرية. ومع انكشاف أمره، أرسل ويمان لقضاء 7 سنوات بالسجن.

وعام 1960، واصل ويمان حياة التحيّل فكان تارة صحافيا وأخرى دبلوماسيا. ويوم 27 آب/أغسطس 1960، فارق الأخير الحياة وهو في 69 من العمر أثناء محاولته التصدي لعملية سرقة بأحد النزل.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: