عام 1860، كان الأميركيون على موعد مع أهم انتخابات بتاريخ بلادهم. فعقب قرار دريد سكوت عام 1857 (Dred Scott) الذي أجهضت بموجبه المحكمة العليا تسوية ميسوري السابقة لعام 1820 حول مسألة العبودية، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع حالة انقسام واحتقان شديدة بين الشماليين الطامحين لإجهاض العبودية والجنوبيين المطالبين باستمرار هذه الممارسة أملا في الحفاظ على اليد العاملة الوفيرة والمجانية بحقول القطن.
وفي هذه الظروف الصعبة، انطلقت الاستعدادات للانتخابات الأميركية لعام 1860 التي أصبحت مسألة العبودية أهم نقاطها الساخنة المثيرة للخلاف. فخلال اجتماعه بمنطقة تشارلستون (Charleston) بكارولينا الجنوبية ما بين شهري أبريل ومايو 1860، فشل الحزب الديمقراطي في اختيار مرشحه لسباق الرئاسة بسبب حالة الانقسام التي عاش على وقعها حيث طالب الديمقراطيون الشماليون بضرورة إنهاء العبودية بينما عارض رفاقهم الجنوبيون الأمر مؤكدين على أهمية الحفاظ على هذه الممارسة.
وبعد مضي نحو شهرين، التقى ممثلو الحزب الديمقراطي مجددا ببالتيمور (Baltimore) أملا في الاتفاق على مرشح للسباق الرئاسي. وخلال هذا الاجتماع، انسحب الديمقراطيون الجنوبيون رافضين مقترحات زملائهم الشماليين حول مسألة العبودية. وأمام هذا الوضع، اختار الديمقراطيون الشماليون السيناتور عن ولاية إلنوي ستيفان دوغلاس (Stephen A. Douglas) ووافقوا على منحه بطاقة تمثيلهم بالانتخابات الرئاسية لعام 1860.
من جهة ثانية، عبّر الديمقراطيون الجنوبيون عن سخطهم من اختيار دوغلاس وكرد على ما جاء به زملاؤهم الشماليون بالحزب وافق الجنوبيون على تقديم مرشح خاص بهم للسباق الرئاسي فاختاروا جون بريكنريدج (John C. Breckinridge)، نائب الرئيس جيمس بيوكانان (James Buchanan)، لتمثيلهم بالانتخابات.
وفي الأثناء، عقد الحزب الجمهوري اجتماعه بمدينة شيكاغو بولاية إلنوي يوم 16 أيار/مايو 1860 وسط خلاف مشابه حول مسألة العبودية. وبينما فضّل كثيرون إجهاض هذه الممارسة، تحدّث آخرون عن خيار معتدل يقضي بالحد من انتشارها على الأراضي الأميركية. إلى ذلك، لم يمنع هذا الخلاف أعضاء الحزب الجمهوري من الاتفاق على مرشحهم. فبعد انتخابات داخلية فيما بينهم، اتفق الجميع على ترشيح العضو السابق عن ولاية إلنوي بمجلس النواب أبراهام لنكولن لانتخابات 1860.
نتائج الانتخابات
يوم السادس من شهر نوفمبر 1860، اتجه الناخبون نحو مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم. ومع صدور النتائج، حقق المرشح الجمهوري أبراهام لنكولن فوزا سهلا فجمع 180 صوتا بالمجمع الانتخابي ونحو 40 بالمائة من الأصوات بالاقتراع المباشر. من جهة ثانية، امتلكت الولايات الشمالية كثافة سكانية عالية مقارنة بنظيرتها الجنوبية. وأثناء الانتخابات، هيمن لنكولن على الولايات الشمالية دون أن يفوز بأي من الولايات الجنوبية.
وبالجنوب، تشتت الأصوات بين بقية المرشحين ففاز المرشح الديمقراطي الأول ستيفان دوغلاس بحوالي 12 صوتا بالمجمع الانتخابي بينما حصل المرشح الديمقراطي الآخر جون بريكنريدج على 72 صوتا. كما حل المرشح عن حزب الاتحاد الدستوري الأميركي جون بيل (John Bell) ثالثا فنال 39 صوتا بالمجمع الانتخابي.
انفصال وحرب أهلية
في الأثناء، أثار فوز لنكولن الغضب بالجنوب. وقبيل استلام الأخير لمنصبه، انفصلت 11 ولاية جنوبية عن الاتحاد قبل أن تستهدف القوات الكونفدرالية فورت سمتر (Fort Sumter) معلنة بذلك عن بداية الحرب الأهلية الأميركية التي استمرت لنحو 4 سنوات متسببة في وفاة ما لا يقل عن 600 ألف أميركي.