حولت بلدية مدينة أوسلو أماكن وقوف السيارات في وسط مدينة إلى ممرات للدراجات ومقاعد وحدائق، فانخفضت حركة مرور السيارات بشكل حاد منذ هذا التغيير.
وبعد تحويل مئات مواقف السيارات خلال العام 2017 والعام 2018 إلى مناطق صديقة للبيئة، انخفضت حركة السيارات بنسبة 28% خلال العام 2019، ويمشي الناس أو يركبون الدراجة أو القطار أو الحافلات العامة خلال ساعة الذروة في وسط المدينة.
تهدف هذه التغييرات إلى هدف طموح وضعته المدينة، وهو تحول المدينة إلى مدينة خالية من الانبعاثات الكربونية وتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول العام 2030 بنسبة 95% مقارنة بعام 2009، وهو أمر يراه المسؤولون ضروريًا لتحقيق الأهداف المناخية في العالم.
وقالت هيلدا سولي كبيرة المستشارين في وكالة المناخ بالمدينة والتي أصدرت استراتيجية مناخية جديدة في وقت سابق من هذا الصيف «ما زال ممكنًا مكافحة تغير المناخ بما يتفق مع اتفاقية باريس، والمدن الكبرى مثل أوسلو تلعب دورًا رئيسًا في ذلك لأن أغلب انبعاثات الكربون في العالم تصدرها المدن.»
تعمل النرويج على الانتقال إلى مصادر الكهرباء المتجددة، لذلك تتمتع أوسلو ببعض المزايا، لكن عليها إجراء تغييرات إضافية جذرية، إذ يعد قطاع النقل مسؤولًا عما يقارب نصف الانبعاثات المباشرة للمدينة. ولهذا تسعى استراتيجية المدينة إلى زيادة جاذبية المشي أو ركوب الدراجة أو استخدام وسائل النقل العام، والاعتماد على السيارات الكهربائية، وفرض رسوم على السيارات العادية التي تدخل المدينة، ما يمنح المدينة المال لدفع تكاليف المشاريع الجديدة.
وقالت سوري «نخطط لتخفيض رسوم المواصلات العامة من خلال تمويلها من المال العام ومن رسوم المرور،» وسيؤدي انخفاض الاعتماد على السيارات إلى زيادة أمان المشاة أو راكبي الدراجات، إذ لم تسجل المدينة أي وفيات للمشاة أو راكبي الدراجات في العام 2019 مقارنة بمدينة بورتلاند في ولاية أوريغون الأمريكية، التي يسكنها العدد ذاته من السكان، والتي سجلت وفاة 49 شخصًا بسبب حوادث السيارات في العام ذاته.
لدى أوسلو الآن عشرات الحافلات الكهربائية وستكون جميع وسائل النقل العام بحلول العام 2028 خالية من الانبعاثات الكربونية، وبدأت شركات البريد المحلية باختبار الدراجات الكهربائية لتسليم الطرود. وستكون كل السيارات التي تسير في شوارع مدينة أوسلو كهربائية بحلول نهاية العقد، وتبلغ نسبة السيارات الكهربائية في المدينة الآن الربع وتشكل السيارات الكهربائية نسبة 60% من مبيعات السيارات الجديدة بعد تحفيز شرائها من خلال سياسات الإعفاء من الضرائب وتخفيض أسعار أماكن وقوفها في المدينة.
تعد أعمال البناء مصدرًا آخر للانبعاثات، وتعمل المدينة مع قطاع البناء على التحول من المعدات التي تعتمد على الديزل إلى الكهرباء، وقالت سولي «تمثل مشاريع البناء التي تنجزها البلدية ما يصل إلى 20% من إجمالي سوق البناء في أوسلو، ما يعني بأن لدى المدينة تأثير كبير في هذا القطاع. طورنا معايير مشتركة لجميع المشاريع لتقديم حوافز لمستخدمي معدات البناء عديمة الانبعاثات، وسيسهم تقديم هذه الحوافز في تغيير السوق.»
وتخطط المدينة إلى زيادة كفاءة المباني والاعتماد على الطاقة المتجددة، ويشمل ذلك تركيب الألواح الشمسية على الأسطح، وتوليد الحرارة من مصادر غير تقليدية مثل نظام الصرف الصحي المحلي، وإحداث مراكز لحرق النفايات بهدف تقليل انبعاثات الكربون.
تركز المدينة على الانبعاثات التي تصدر مباشرةً من المدينة، لكنها بدأت أيضًا في معالجة مشكلة الانبعاثات الصادرة عن عمليات تصنيع المنتجات في أماكن أخرى لكنها مرسلة إلى المدينة، إذ تراقب المدينة البصمة الكربونية للمنتجات المستوردة، وتعمل المدينة على تثقيف المواطنين لمراقبة ذلك وتقليل استهلاكها عمومًا.
تخطط الحكومة لحماية قدرة الطبيعة على تخزين ثاني أكسيد الكربون عن طريق حماية الغابات والمستنقعات المحيطة بالمدينة، وتعمل أيضًا على إيجاد طرائق لزيادة مقاومة المدينة لتغير المناخ عبر زيادة مساحة الأسطح الخضراء.
لن تكون هذه التغييرات سهلة، وقالت سولي «يشكل هذا الهدف الكبير تحديًا لنا، ولا نملك كل الإجابات عن كيفية تحقيقه، ولذلك نعمل باستمرار مع شركائنا على تطوير سياساتنا وإجراءاتنا، ولا نحتاج إلى تطوير تقنياتنا فحسب، بل إلى تغييرات مجتمعية واسعة النطاق أيضًا.»
تسير عدة مدن عالمية على هذا النهج، ومنها مدينة كوبنهاغن التي تهدف إلى أن تكون محايدة للكربون بحلول العام 2025، ومدينة بوسطن الأمريكية التي حددت العام 2050 لتحقق هذا الهدف.
The post أوسلو مدينة خالية من انبعاثات الكربون بحلول العام 2030 appeared first on مرصد المستقبل.