في خضم سباق التسلح البحري ضد الألمان الذي اشتد تزامناً مع صعود فيلهلم الثاني (Wilhelm II) على عرش الإمبراطورية الألمانية عام 1888، لم تتردد بريطانيا في إنتاج العديد من السفن الحربية لمواصلة فرض هيمنتها على البحار والحفاظ على لقب أهم قوة بحرية بالعالم الذي كسبته منذ معركة طرف الغار عام 1805.
وأثناء صراع القوة مع الألمان، باشرت بريطانيا عام 1896 بإنتاج البارجة آتش أم أس ألبيون (HMS Albion) التي كان من المقرر أن ترسل حال اكتمالها لدعم الأسطول البحري بشرق آسيا.
لكن مع دخولها الخدمة رسميا ونزولها للبحر خلال شهر يونيو 1898، تسببت هذه السفينة الحربية في كارثة أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا وصنّفت كأول كارثة بحرية تلتقطها عدسات الكاميرا لحظة وقوعها.
خصائص السفينة
إلى ذلك، باشرت مؤسسة التايمز لأعمال الحديد وبناء السفن بصنع السفينة الحربية آتش أم أس ألبيون مطلع شهر ديسمبر 1896. وبناء على التصاميم، بلغ طول ألبيون بنحو 131.4 متر وقدّر وزنها بحوالي 14 ألف طن. كما زوّدت بمحركات قوية سمحت لها ببلوغ سرعة قدّرت بنحو 33 كلم في الساعة.
وبمجال التسلح، اتفق المسؤولون على تزويد البارجة ألبيون بأربعة مدافع عيار 305 ملم و12 مدفع عيار 152 ملم و10 مدافع عيار 76 ملم إضافة لأربع قاذفات طربيدات عيار 457 ملم.
ومع اكتمال أشغال البناء، استعدت مؤسسة التايمز لأعمال الحديد والبناء، بحضور مسؤولي البحرية البريطانية والأميرة ودوقة يورك ماري تك (Mary of Teck)، لإنزال البارجة ألبيون بالبحر وإطلاقها رسمياً. واحتفالاً بهذا الحدث، تجمهر عدد هام من البريطانيين لمتابعة عملية نزول هذه البارجة بنهر التايمز. وكان من المقرر أن تتحول هذه البارجة سريعاً لإحدى أهم وأفضل السفن البريطانية بتلك الفترة.
أول كارثة بحرية يتم تصويرها
ويوم 21 يونيو 1898، تجمهر نحو 30 ألف شخص قرب نهر التايمز لمشاهدة دوقة يورك ماري توك التي استعدت لتدشين البارجة ألبيون. وفي خضم هذه الأحداث، تواجد العديد من الحاضرين على متن قوارب صغيرة تمركزت على مقربة من موقع إنزال السفينة بالنهر. كما حل المخترع والمبتكر بمجال التصوير روبرت وليام بول (Robert William Paul) بالمكان لتصوير عملية دخول البارجة ألبيون رسمياً الخدمة بالبحرية البريطانية.
غير أنه حال نزولها بنهر التايمز، تسببت البارجة ألبيون في ظهور موجة كبيرة امتدت لتهز وتقلب بعض القوارب القريبة من مكان الواقعة. وبلغت المياه عدداً من الحاضرين الذين تواجدوا بمنصة، قرب حوض الإنزال، لتتسبب في انهيار جزء منها وسحب جانب من الجماهير نحو النهر.
إلى ذلك، أسفرت هذه الكارثة البحرية، التي تسببت فيها عملية إنزال ألبيون، في مقتل 34 شخصاً غرقاً. وبحسب مصادر تلك الفترة، كان جل الضحايا من الأطفال والنساء الذين لم يتقنوا السباحة.
وإثر التقاطته أطوار الواقعة، دخل روبرت وليام بول التاريخ رفقة الفيديو القصير الذي صوره، حيث صنفت هذه الكارثة حينها كأول كارثة بحرية صورتها عدسات الكاميرا لحظة وقوعها.