إثيوبيا وإقليم تيغراي.. ما هي أصول الحرب الأهلية الحالية؟

خلال الفترة الأخيرة، تدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إمكانية فرض قيود على منح تأشيرات دخول أراضيها للمسؤولين السياسيين الإثيوبيين بسبب أزمة إقليم تيغراي (Tigray) التي اندلعت أواخر العام الماضي.

فمنذ الرابع من نوفمبر 2020، تعيش المنطقة على وقع معارك دامية بين القوات الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والتي أسفرت في فترة وجيزة عن سقوط العديد من الضحايا وتهجير عشرات الآلاف من الأشخاص نحو مناطق حدودية بالسودان.

وتزامناً مع ذلك، عبرت العديد من المنظمات الدولية عن قلقها الشديد مما يحصل بتيغراي خاصة مع ظهور تقارير عن أعمال عنف قد ترقى لجرائم حرب.

حروب أهلية ومجاعات

وعلى الرغم من كونها منطقة جبلية وشبه قاحلة ومعاناتها من نقص فادح في مصادر المياه، تحظى منطقة تيغراي بمكانة خاصة لدى المسؤولين الإثيوبيين لأسباب عسكرية وتاريخية.

كما يمر تاريخ منطقة تيغراي بالعديد من المراحل التي تتراوح بين الحضور السياسي والتهميش. فتزامناً مع نهاية القرن التاسع عشر ورحيل الإمبراطور يوحنس الرابع (Yohannes IV)، المصنف كآخر إمبراطور من تيغراي، عام 1889، اضمحل نفوذ شعب تيغراي لصالح شعب الأحمرة (Amhara) الذي استغل قادته نفوذهم لممارسة سياسة جديدة سعوا من خلالها لتحديث البلاد.

ومع حلول عام 1974، شهدت إثيوبيا تغييراً جذرياً، حيث أزيح الإمبراطور هيلا سيلاسي (Haile Selassie I) من سدة الحكم، بعد أن قضى عقوداً بمنصبه، كان من ضمنها 6 سنوات أثناء فترة الاحتلال الإيطالي، عن طريق انقلاب عسكري تم على إثره تشكيل لجنة عسكرية عرفت بديرغ (Derg) اتجهت للهيمنة شيئاً فشئياً على البلاد.

إلى ذلك اتخذت إثيوبيا نظام حكم ذو توجه ماركسي شيوعي، حليف للاتحاد السوفيتي، وعيّن الضابط منغستو هيلا مريام (Mengistu Haile Mariam) على رأس البلاد طيلة السبعة عشر عاماً التالية. وعقب إزاحة هيلا سيلاسي وحصول منغستو هيلا مريام على مقاليد الحكم، عاشت إثيوبيا على وقع سنوات من الحروب الأهلية والمجاعات حيث واجه الجيش الإثيوبي الميول الانفصالية لكل من الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والجبهة الشعبية لتحرير إريتريا التي ضمت منذ عام 1962 لإثيوبيا.

وبسبب الظروف المناخية وسياسة منغستو هيلا مريام، مرت إثيوبيا بفترات مجاعة كانت أهمها ما بين عامي 1983و1985 حيث عصفت المجاعة بالبلاد، خاصة بإقليم تيغراي، وتسببت في موت مئات الآلاف. ووفق بعض المصادر، تعمدت سلطات إثيوبيا حينها تعميق أزمة المجاعة بتيغراي أملاً في إضعاف الحركة التمردية للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي.

خلاف مع آبي أحمد وإقصاء من السلطة

عام 1991، ساهم تحالف بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والجبهة الشعبية لتحرير إريتريا في طرد الديرغ وإنهاء حكم منغستو هيلا مريام الذي غادر البلاد نحو زيمبابوي. ويوم 24 مايو 1993، حصلت إرتريا رسمياً على استقلالها من إثيوبيا قبل أن تدخل في حرب ضدها حول مناطق حدودية أودت بحياة 80 ألف شخص ما بين عامي 1998 و2000.

إلى ذلك، تخلت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي عن ميولها الانفصالية ومنهجها السابق واتجهت لتشكيل الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية مع عدد من الأحزاب الأخرى.

وبفضل اعتبارهم كأهم مكون سياسي بهذه الجبهة، تمكن التيغراي من الحصول على أهم المناصب السياسية بالبلاد طيلة الفترة ما بين عامي 1991و2018.

لكن مع حصول آبي أحمد، المنتمي لعرقية الأورومو التي تشكل 35% من النسيج الديموغرافي لإثيوبيا، على منصب رئيس الوزراء، اشتكى التيغراي، الذين يشكلون 7% من سكان إثيوبيا، من إقصائهم تدريجياً من السلطة، حيث رفضت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الالتحاق بحزب الازدهار الذي أسسه آبي أحمد مطلع ديسمبر 2019 وجمع به مكونات الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية سابقاً.

فضلاً عن ذلك، اعتبر التيغراي آبي أحمد حاكماً غير شرعي بسبب تأجيل موعد الانتخابات مرات عدة بسبب جائحة كورونا، واتجهوا لتنظيم انتخاباتهم المحلية بإقليمهم، متحدين بذلك الحكومة الفيدرالية التي اعتبرت انتخاباتهم غير قانونية.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: