لأول مرة في 13 عاما لن يكون لإسبانيا أي فريق في الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم وكانت الطريقة المهينة التي ودع بها برشلونة المسابقة عقب الهزيمة 8-2 أمام بايرن ميونخ نهاية لحقبة تفوق الدوري الإسباني.
وكان هناك تشابه واحد أساسي لخروج برشلونة وريال مدريد وأتلتيكو مدريد من البطولة القارية هذا الموسم حيث كانوا ببساطة بطيئين للغاية. والأمر لا يعود لافتقار اللاعبين للسرعة الفردية بل لأن أسلوب لعبهم يفتقر لحدة وحركية والضغط المستمر للفرق الألمانية والإنجليزية الكبيرة.
ولم يعد للفرق الإسبانية القدرة على الهجوم النشيط المعتاد والتحول من الدفاع إلى الهجوم في لحظات كما عانوا على المستوى الدفاعي للتعامل مع الفرق التي تلعب بهذا الأسلوب. وكان استسلام برشلونة هو المثال الأوضح على مدى تراجع الفرق الإسبانية فيما يتعلق بالتطور الفني للعبة.
وقبل أقل من عقد من الزمن كان برشلونة الطرف الأقوى في كرة القدم الحديثة حيث كان أسلوب اللعب المعتمد على التمرير السريع واستحواذه المطلق على الكرة بمثابة الموت المؤلم لمنافسيه.
وتحت قيادة بيب غوارديولا كان الفريق مذهلا على الجانب الفني ومتمرسا في ظل اعتياد اللاعبين من الصغر على إتقان المهارات المطلوبة لتقديم هذا الأداء الذي يمكن لعدد قليل من المنافسين
التعامل معه.
وكان الأمر الذي لا يحظى بالتقدير المناسب للفريق تحت قيادة جوارديولا وساهم في الفوز بدوري الأبطال في 2009 و2011 هو سرعة استعادة الكرة عند فقدانها. لكن هذا النهم بسرعة الاستحواذ على الكرة لم يظهر أمام منافسه الألماني أمس الجمعة.
وفي السنوات الأخيرة جاء نجاح ريال مدريد القاري حيث نال أربعة ألقاب في دوري الأبطال ما بين 2014 و2018 بأسلوب لعب مختلف. لكن منذ رحيل كريستيانو رونالدو فقد الفريق عنصر الخوف لدى المنافسين.
ومثل برشلونة عانى ريال مدريد عندما محاولة بدء الهجمة من الدفاع أمام الفرق التي تضغط بحدة وهو الأمر الذي استغله مانشستر سيتي بقيادة غوارديولا في إخراج بطل الدوري الإسباني من دور الستة عشر.
وبنى أتلتيكو مدريد نجاحه مع دييغو سيميوني، حيث بلغ نهائي دوري الأبطال مرتين وحصد لقب الدوري الأوروبي في مناسبتين، على الدفاع المذهل والهجمات المرتدة الفعالة. لكنه فقد العامل الهجومي برحيل أنطوان غريزمان إلى برشلونة فيما لم يعد دييجو كوستا خطيرا مثل الماضي.
ويعد إشبيلية هو الأقرب في إسبانيا للأسلوب الجديد كما أنه آخر فريق محلي ما زال ينافس في أوروبا حيث سيواجه مانشستر يونايتد في الدور قبل النهائي للدوري الأوروبي. وبشكل واضح يعتمد إشبيلية على ظهيرين يمكنهما الهجوم بشكل جيد وهما ريغيليون وخيسوس نافاس وهذا عنصر حاسم للفرق الأفضل في القارة.
ويملك بايرن، مثل ليفربول حامل لقب دوري الأبطال، ظهيرين هما أساس هجماته وأوضح الهدف الخامس ضد برشلونة ذلك حيث صنعه الظهير الأيسر ألفونسو ديفيز للظهير الأيمن يوشوا كيميش الذي وصل إلى داخل منطقة جزاء الفريق القطالوني.
وربما تسبب هذا الهدف في ابتسامة ساخرة ليورغن كلوب مدرب ليفربول الذي استفاد فريقه من فاعلية الظهيرين ترينت ألكسندر-أرنولد وآندي روبرتسون في الثلث الهجومي. ومن المفارقات الغربية أن قائد هذا النهج كان داني ألفيس في برشلونة فيما لعب مارسيلو الدور ذاته في ريال مدريد. لكن لا يوجد ما يوضح مدى تغير كل شيء أكثر من كيفية تطوير غوارديولا لأسلوبه الخاص مع سيتي.
وما زال المدرب الإسباني وفيا لأساسيات معتقداته بالاستحواذ على الكرة والتمرير وصنع مساحات بفضل السرعة واستعادة الكرة سريعا عند فقدانها. ويضغط هجومه بشكل مستمر لكنه يفعله الآن بأسلوب أكثر شراسة.
واستغل فيل فودين، الذي لعب كمهاجم وهمي ضد ريال مدريد في دور الستة عشر، مركزه لتقليص المساحات وإحباط محاولات بدء الهجمة من الخلف كما اعتمد المهاجم غابرييل جيسوس على سرعته لتنفيذ المهمة ذاتها.
ويعتمد بايرن على الأسلوب ذاته وهو ما يفعله رازن بال شبورت لايبزيج الذي كان بلغ الدور قبل النهائي لكأس ألمانيا. ويتقن ليفربول مع المدرب كلوب هذا الأمر مثلما كان يفعله فريقه السابق بروسيا دورتموند.
ويعد المدربون الإسبان من أفضل تلاميذ اللعبة لكن الآن عليهم حل معضلة جديدة وهي كيفية مجاراة ضغط الفرق التي أخرجتهم من أوروبا.