يوم 13 آذار/مارس 1881، اهتزت الإمبراطورية الروسية على وقع حادثة اغتيال الإمبراطور الروسي ألكسندر الثاني (Alexander II) الذي فارق الحياة عن عمر يناهز 62 عاما قضى منها 26 سنة متربعا على عرش روسيا.
وعلى الرغم من سجل حافل بالإنجازات كتحرير الأقنان وإنهاء العمل بنظام العقوبات الجسدية وإرساء شكل من أشكال الحكم المحلي والحد من امتيازات النبلاء، اغتيل القيصر الروسي ألكسندر الثاني على يد أفراد منظمة نارودنايا فوليا (Narodnaïa Volia) الإرهابية بالعاصمة سانت بطرسبرغ عقب استهدافه بقنبلة يدوية.
وقبل عملية اغتياله الناجحة يوم 13 آذار/مارس 1881، تعرّض القيصر ألكسندر الثاني طيلة السنوات السابقة للعديد من محاولات الاغتيال الفاشلة التي نجا منها بأعجوبة.
محاولة قرب القصر الصيفي
مطلع شهر نيسان/أبريل 1866، كان القيصر ألكسندر الثاني بصدد مغادرة قصره الصيفي بسانت بطرسبرغ سيرا على الأقدام. بالتزامن مع ذلك، تجمهر عدد من أهالي العاصمة على مقربة من القصر لتقديم التحية لألكسندر الثاني قبل صعوده على متن عربته الخاصة.
ومن بين الجماهير، سحب رجل يبلغ من العمر 26 عاما ويدعى ديميتري كاراكوزوف (Dmitry Karakozov) مسدسه وصوّب نحو القيصر. ولحسن حظ الأخير، لاحظ مزارع يدعى أوسيب كوميساروف (Osip Komissarov)، تواجد بين الحاضرين، الواقعة فاتجه مسرعا ليوجه ضربة ليد كاراكوزوف انطلقت على إثرها رصاصة من المسدس نحو السماء.
على الفور، ألقت الشرطة القبض على ديميتري كاراكوزوف الذي مثل أمام القضاء ليصدر في حقه حكم بالإعدام تم تنفيذه خلال شهر أيلول/سبتمبر من نفس السنة. وفي المقابل، كافأ القيصر منقذه فجعله من النبلاء وقدّم له مبلغا ماليا هاما.
محاولة أخرى في باريس
خلال شهر أيار/مايو 1867، تواجد القيصر ألكسندر الثاني رفقة ابنيه فلاديمير وألكسندر بالعاصمة الفرنسية باريس لحضور المعرض الدولي.
إلى ذلك، رافق الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث نظيره الروسي في جولة بشوارع باريس على متن عربته. وعلى حين غفلة، تقدم شاب بولندي يبلغ من العمر 21 عاما ويدعى أنتون بيريزوفسكي (Anton Berezovsky) من العربة الإمبراطورية وأشهر مسدسه في وجه ألكسندر الثاني استعدادا لقتله. ولحسن حظ الأخير، انفجر المسدس بيد بيريزوفسكي لحظة ضغطه على الزناد لتنطلق على إثر ذلك رصاصة أصابت بشكل خاطئ أحد الأحصنة.
أثناء التحقيق، أكد الشاب البولندي أنه فعل ذلك من أجل وطنه بولندا التي كانت حينها جزءا من الإمبراطورية الروسية.
ثلاث محاولات بأقل من عام
مطلع شهر نيسان/أبريل 1879، انطلق ألكسندر الثاني، بشكل منفرد ودون أية حماية أمنية، في جولة مشيا على الأقدام قرب قصر الشتاء بسانت بطرسبرغ. وفي الطريق، اعترضه رجل يدعى ألكسندر سولوفييف (Alexander Soloviev)، قيل إنه من النبلاء، وأشهر في وجهه مسدسا قبل أن يباشر بإطلاق الرصاص.
حال سماعه لدوي الرصاصة الأولى التي فشلت في إصابته، هرب ألكسندر الثاني مسرعا ليلاحقه بذلك سولوفييف ويوجه نحوه مزيدا من الرصاصات التي فشلت جميعها في إصابة القيصر الروسي. إلى ذلك، تمكّن عدد من أفراد الأمن من القبض على المسلح وجرّدوه من مسدسه. بعد نحو 3 أيام، أعدم ألكسندر سولوفييف بساحة عامة بسانت بطرسبرغ أمام نحو 70 ألف شخص.
خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1879، استقل القيصر وعائلته القطار الإمبراطوري للسفر من منطقة القرم نحو العاصمة سانت بطرسبرغ. إلى ذلك، استغل أفراد منظمة نارودنايا فوليا هذا الأمر وعمدوا لزرع قنبلة بسكة القطار قرب خاركوف (Kharkov). ولحسن حظ القيصر، انفجرت القنبلة لتصيب العربة الخاطئة لينجو الأخير رفقة عائلته من هذه الحادثة.
يوم 5 شباط/فبراير 1880، وضع النجار ستيفان خالتورين (Stepan Khalturin)، المنتمي لمنظمة نارودنايا فوليا، أكثر من 30 كلغ من المتفجرات بإحدى الغرف أثناء عمله بالقصر الإمبراطوري. وقد حاول الأخير تفجيرها عند قدوم الإمبراطور رفقة أحد ضيوفه لتناول العشاء.
إلى ذلك، تأخر الضيف نحو نصف ساعة عن موعده. وبسبب عدم علمه بذلك، فجّر خالتورين المبنى في الوقت المحدد متسببا في مقتل 11 فردا من الحرس.