مجهولون وصلوا بالدراجات مساء الاثنين الماضي إلى أطراف قرية معروفة باسم Massalata القريبة بجنوب النيجر 10 كيلومترات من الحدود مع نيجيريا، ومن مزرعة يقيم فيها شاب أميركي وزوجته وابنهما منذ عامين، خطفوه ونقلوه إلى منطقة بشمال نيجيريا، ينشط فيها عناصر لتنظيم "القاعدة" إضافة لمثلهم من "داعش" المتطرف، ثم اتصلوا بأبيه المبشر والمقيم منذ 30 سنة في النيجر، مهددين بتسليم ابنه Philip Walton البالغ 27 سنة إلى أحد التنظيمين إن لم يدفع مليون دولار فدية طلبوها.
لكن الحال لم تجرِ كما يرغبون، فقد انقضّ كوماندوس أميركي بالمظلات على وكرهم، وقتل منهم ما تيّسر وعاد بالمخطوف حرا إلى زوجته وأبيه، بحسب ما ألمت به "العربية.نت" مما نقلته الوكالات السبت عن وزير الدفاع بالنيجر، إيسوفو كاتامبي، حين أعلن عن تحرير المخطوف، من دون أن يكشف عن تفاصيل وظروف الإفراج عنه أو حتى مكان تواجده. كما لا فيديو من البنتاغون أو غيره تظهر فيه ولو لقطات من العملية التي تمت في الرابعة فجر السبت بتوقيت النيجر.
وأسرعوا مباشرة إلى وكر للخاطفين
ثم تسربت أنباء، ملخصها أن CIA الاستخباراتية تعقبت الخاطفين منتصف ليل السبت إلى معسكر مكتظ بالشجر في شمال نيجيريا، وبعدها انقضت قوات أميركية خاصة، بعضها من فرقة SEAL Team Six التي نفذت عملية اغتيال بن لادن في باكستان قبل 9 سنوات، فهبطوا بالمظلات من هليكوبترات نقلتهم إلى الشمال النيجيري، وأسرعوا مباشرة إلى حيث كان المخطوف محتجزا في وكر للخاطفين بالمتاهات.
أما تحديد الموقع الذي كان فيه فيليب والتون بدقة "فتم بعد تتبع هواتف الخاطفين المحمولة" وفقًا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الأحد، واستندت فيه إلى معلومات من شبكة تلفزيون أميركية، ذكرت أن 30 من عناصر الكوماندوس تقريبا، شاركوا في الغارة "وهاجموا مخيم الخاطفين في ساعة ما قبل الفجر، بعد أن حلقت طائرات استطلاع مسيّرة من دون طيار في جو المنطقة" فنشبت معركة انتهت بمقتل 6 من الخاطفين السبعة، وهو ما نقلته شبكة ABC News التلفزيونية الأميركية عن مصدر أخبرها أن الخاطفين "ماتوا قبل إدراكهم لما حدث" كما قال.
ولم يصب المخطوف بأي أذى أثناء تبادل إطلاق النار، فقد خرج من المخيم مع من أنقذوه وحرروه، ونقلته مروحية إلى "نيامي" عاصمة النيجر، حيث تم لم شمله مع عائلته، فيما ذكر متحدث باسم البنتاغون أن أحدا من القوات الخاصة لم يصب أيضا خلال العملية التي وافق عليها الرئيس ترمب قبل تنفيذها، وأعلن عن نجاحها بقوله: "أرسلنا مهمة إلى بلد بعيد.. خطفوا مواطنا أميركيا وتمنوا لو لم يفعلوا ذلك أبدا. اشتبكوا مع مجموعة كبيرة. صفر ضحايا. وحرروا مواطنا أميركيا" وفق تعبيره.
يوم قتلوا 6 فرنسيين
أضاف ترمب في الكلمة التي ألقاها في حشد انتخابي، السبت، أن عناصر الكوماندوس الذين أنقذوا المخطوف وحرروه: "أعادوه إلينا، لكن الطرف الآخر عانى بشدة. يمكنني أن أقول لكم ذلك، إن أمتنا تحيي جيشها الشجاع الذي نفذ هذه العملية ببراعة. قلة قليلة من الناس كانوا قادرين على القيام بذلك"، ثم كتب تغريدة تويترية، نرى صورتها أدناه، وفيها كتب: "أنقذ محاربو بلادنا الشجعان رهينة أميركية الليلة الماضية في نيجيريا، أمتنا تحيي الجنود الشجعان وراء عملية الإنقاذ الليلية الجريئة، وتحتفل بالعودة الآمنة لمواطن أميركي آخر".
وجاءت عملية الخطف الفاشلة، بعد شهرين فقط من واحدة وصفوها بأنها الأكثر ترويعا ورعبا بالنيجر، ففيها بأغسطس الماضي قتل المسلحون الجوالون على دراجات نارية 6 عمال إغاثة فرنسيين ونيجيريا في حديقة للحيوانات البرية قرب العاصمة نيامي، وبرغم أن هويتهم لا تزال غير معروفة، إلا أن المراقبين والمحللين للأوضاع يعتقدون أن هجومهم مرتبط بالتقدم السريع لحركات التمرد المتطرفة في منطقة الساحل القاحلة بأفريقيا.
كما ورد عن "مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية" التابع للحكومة الأميركية، أن حوالي 25 جماعة إسلامية متطرفة في أفريقيا ناشطة هناك الآن، مقارنة بخمس كانت في 2010 فقط، بحسب ما طالعته "العربية.نت" في عدد اليوم الاثنين من صحيفة "التايمز" البريطانية، وبخبرها ذكرت أن عدم الاستقرار في منطقة الساحل أدى إلى إثارة اهتمام شركاء أمنيين للأميركيين، كفرنسا التي لديها حوالي 5000 جندي يتمركزون بشكل دائم في نجامينا، عاصمة التشاد.
تذكر "التايمز" في تقريرها أيضا، أن واشنطن ناشطة في الاحتفاظ بوجود مكثف في جميع أنحاء القارة السمراء، حيث للولايات المتحدة قاعدتان عسكريتان دائمتان و4 مواقع شبه دائمة في النيجر التي تبني فيها حاليا قاعدة جوية ضخمة بطائرات مسيّرة من دون طيار، كلفتها 100 مليون دولار، تقع قرب مدينة Agadez بالشمال النيجري، لتعزيز وجودها في المنطقة.