اتفاقية قرّبت بين ألمانيا وبريطانيا وكادت أن تغير تحالفات الحرب العالمية 

عام 1887، اتجه عدد من القوى الأوروبية لإبرام جملة من المعاهدات لتنظيم حركة الملاحة بالبحر الأبيض المتوسط. وقد جاءت هذه المعاهدات حينها، التي وقعت بين كل من بريطانيا وإيطاليا والنمسا – المجر وإسبانيا، لتزيد من حدّة التوتر بالقارة الأوروبية خلال فترة شهدت احتدام الخلافات السياسية بين مختلف القوى الاستعمارية حول اقتسام المستعمرات.

أزمة سياسية بأوروبا

فمنذ الحرب العثمانية الروسية ما بين عامي 1877 و1878 التي تلقى خلالها العثمانيون هزيمة قاسية وخسروا جانبا من أراضيهم لصالح الروس، عبّرت بريطانيا عن قلقها من تزايد النفوذ الروسي بالبلقان عقب معاهدتي سان ستيفانو (San Stefano)، المبرمة يوم 3 مارس 1878، وبرلين التي وقّعت بعدها بأربعة أشهر يوم 13 يوليو من نفس العام.

ومن خلال هذه المعاهدة الثانية، حاولت كل من بريطانيا وفرنسا والنمسا – المجر وألمانيا الحد من المكاسب الروسية عقب حرب 1877 – 1878.

من ناحية أخرى، شهدت العلاقات الفرنسية الإيطالية تدهورا بسبب الأزمة التونسية. فعام 1881، عبّرت إيطاليا عن رفضها القاطع للاستعمار الفرنسي لتونس مؤكدة على أحقيتها في احتلال هذا البلد بسبب روابط جغرافية وتاريخية.

تحالفات جديدة بأوروبا

وفي ظل هذه الظروف، وقّعت بريطانيا اتفاقيات البحر الأبيض المتوسط عام 1887 مع كل من إيطاليا، يوم 12 فبراير، والنمسا – المجر يوم 24 مارس، وإسبانيا يوم الرابع من شهر مايو من نفس العام.

وبموجب هذه الاتفاقيات، وافقت هذه الدول على التعاون والتنسيق فيما بينها بمجال الملاحة وأكدت على ضرورة الحفاظ على الوضع الراهن بالبحر الأبيض المتوسط فيما يخص حركة تنقل السفن بالمياه الدولية وعبر المضائق. ومن خلال ذلك، حاولت بريطانيا وضع حد للأطماع الروسية بالهيمنة على مضيقي الدردنيل والبسفور.

من ناحية أخرى، شددت هذه الاتفاقيات على ضرورة الحفاظ على وجود الدولة العثمانية، الملقبة برجل أوروبا المريض، ودعمها لمنع الروس من التوسع كما وعدت بالدفاع عن المصالح الإيطالية ضد فرنسا بشمال القارة الإفريقية.

إلى ذلك، وحدّت اتفاقيات البحر الأبيض المتوسط لعام 1887 القوى المعادية للروس والفرنسيين وساهمت بشكل مباشر في زيادة التقارب الروسي الفرنسي الذي أسفر عن ظهور تحالف بين هاتين القوتين عام 1892.

وفي الأثناء، رحّب المستشار الألماني أوتو فون بسمارك (Otto von Bismarck) بهذه الاتفاقيات، التي تواجدت ضمنها حليفتاه إيطاليا والنمسا – المجر، وعبّر عن تفاؤله بإمكانية التحاق بريطانيا بالحلف الثلاثي الذي تشكّل أساسا ضد فرنسا عام 1882.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: