عقب وفاة فلاديمير لينين عام 1924، عاش الاتحاد السوفيتي على وقع حالة من التخبط والنزاعات السياسية في صلب الحزب الشيوعي ومجلس مفوضي الشعب.
فقد تمكّن جوزيف ستالين عن طريق مناورة سياسية، من الظهور على الساحة السياسية السوفيتية مزيحاً بذلك عددا من كبار الشخصيات من أمثال ليون تروتسكي (Leon Trotsky) الذي سرعان ما نفي خارج البلاد.
ومع استفراده بالسلطة أواخر العشرينيات، اتجه جوزيف ستالين لفرض إرادته على سكان الاتحاد السوفيتي. ومنذ البداية، عمد الأخير لملاحقة الفلاحين الكولاك (Kulak) الذين صنّفهم ضمن قائمة أعداء شعوب الاتحاد السوفيتي.
حملة ضد الكولاك
إلى ذلك، ظهرت تسمية كولاك أواخر حقبة الإمبراطورية الروسية. وعن طريق كلمة كولاك، يشير المسؤولون الروس حينها لطبقة الفلاحين الذين امتلكوا ما يزيد عن 3.2 هكتار من الأراضي.
ويصنف هؤلاء الفلاحون، الذين ترعرعوا منذ البداية في المجال الفلاحي، من قبل كثيرين ضمن قائمة الفلاحين الأحرار والأثرياء الذين جمعوا ثروات عقب إصلاحات بيوتر ستولبين (Pyotr Stolypin) الزراعية لعام 1906.
من جهته، وصف فلاديمير لينين الكولاك عقب نجاح الثورة البلشفية، بأعداء الشعب، مصنفاً إياهم ضمن قائمة أتباع القيصر والرأسماليين ليبدأ بذلك حملة ممنهجة ضدهم انتهت بانتزاع ملايين الهكتارات منهم.
ومع صعود جوزيف ستالين وبداية برنامج الخمس سنوات الذي سعى لتحديث البلاد صناعيا بشكل سريع وتحقيق إصلاح وتنظيم زراعي شامل، صعّد ستالين الحملة ضد الكولاك مؤكدا على ضرورة اعتماد سياسة لاجتثاثهم بشكل نهائي.
مئات آلاف القتلى
وأعلن ستالين رسميا يوم 27 كانون الأول/ديسمبر 1929، بداية الحملة للتخلص من الكولاك الذين وصفهم بالطبقة الخبيثة مؤكدا على ضرورة تعويض منتوجاتهم بمنتوجات الكولخوز (kolkhoz) والسفخوز (sovkhoz).
وبناء على تصريح ستالين، أصدر المكتب السياسي أوامر باعتماد 3 إجراءات رئيسية ضد الكولاك. فبينما تقرر أن يعدم أو يسجن البعض حسب ما تراه المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية صالحا، سيرسل البقية إما لسيبيريا عقب مصادرة أملاكهم أو نحو مراكز العمل القسري بالمناطق النائية من البلاد.
ووسط معارضة من قبل عدد من أفراد الحزب الشيوعي من أمثال ألكسي ريكوف (Alexei Rykov)، باشر أفراد جهاز مفوضية الشعب للشؤون الداخلية بملاحقة الكولاك الذين تركّزوا أساسا على الأراضي الأوكرانية والروسية والأذربيجانية.
بناء على ذلك، اتخذ المسؤولون المحليون المؤيدون للحزب الشيوعي السوفيتي قرارات راديكالية انتهت بتصفية عدد كبير من الكولاك جسديا دون توجيه تهم واضحة ضدهم. ومع مصادرة أراضيهم وممتلكاتهم، نقل البقية، على متن عربات قطار خصصت لنقل الدواب، في ظروف قاسية إما لسيبيريا أو مناطق أخرى نائية بالبلاد متحملين الطقس البارد والجوع والعطش والمرض.
يشار إلى أن حوالي 1.8 مليون من الكولاك هجروا من منازلهم على يد السلطات السوفيتية ما بين عامي 1930 و1931. وفي الأثناء، أسفرت هذه الحملة الستالينية الممنهجة عن مقتل ما بين 500 و600 ألف من الكولاك خلال الفترة الممتدة بين عامي 1929 و1933، بحسب العديد من المصادر.