تمكن العلماء في مفاعل ذري بمقاطعة Oxfordshire في جنوب شرقي إنجلترا، من ضرب الرقم القياسي بكمية الطاقة التي أنتجوها من تقليدهم لما يجري في الشمس من دمج ذرتي هيدروجين لإنتاج ذرة هيليوم، في عملية اعتبروها قفزة مهمة في مسيرة الحصول على طاقة نظيفة وموثوقة لا تنضب، مع أن ما قاموا به في مفاعل Torus القريب من بلدة Culham البعيدة 87 كيلومترا عن لندن، استمر 5 ثوان، أنتجوا خلالها 59 Megajoules تزيد عن ضعف ما أنتجوه قبل 25 سنة، وكان 22 "ميغاجول" المعروف في الفيزياء والكيمياء كمقياس لوحدة الطاقة.
ومع أن ما أنتجوه لا يزال صغيرا، ويعادل طاقة لتسخين مياه ابريق مدة شهرين، وأثبتت النتيجة أن محطة أكبر، كالمعروفة بأحرف ITER الملخصة اسم "المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي" والجاري بناؤها منذ 2007 في الجنوب الفرنسي، ستحقق أهدافها بنجاح، وفقا لتقديرات Ian Chapman الرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة الذرية بالمملكة المتحدة، والذي قال أمس لصحيفة "التايمز" البريطانية، إن "النتائج بارزة في سعينا لتوفير طاقة الاندماج" فيما نجد في الفيديو المعروض مزيدا من المعلومات.
ومفاعل "إيتر" النووي الحراري، هو مشروع بحثي دولي يختص بالاندماج والانصهار النووي ومشاريعه الهندسية، لتحقيق انتقال طال انتظاره من الدراسات لفيزياء البلازما إلى محطات طاقة الاندماج النووي لإنتاج الكهرباء على نطاق واسع، عبر تقليد ما يجري في الشمس لإنتاج الطاقة، حيث توجد عناصر خفيفة كالهيدروجين ونظائره، كما والهيليوم والليثيوم، في حالة بلازما مرتفعة الحرارة والضغط وتتفاعل "أيوناتها" مع بعضها وتندمج، منتجة طاقة حرارية كبيرة، وهذا هو سر استمرار تفاعل الشمس 4 الى 5 مليارات عام بلا توقف.
أسخن 10 مرات من الشمس
وتتضمن قوة الاندماج الجمع بين نوعين من الهيدروجين: "ديوتيريوم" المعروف أيضا باسم "الهيدروجين 2" لثقله، إضافة إلى "تريتيوم" النظير للهيدروجين، لإنتاج الهيليوم وتحرير الطاقة، عبر الإمساك بالبلازما والتحكم بها، لأنها أسخن من حرارة الشمس 10 مرات، ولا يمكن احتواؤها إلا باستخدام المجالات المغناطيسية الشديدة، لتأمين اندماج خال من الكربون مع طاقة بلا حدود، مع إشارة إلى أن "إيتر" سيبدأ في 2035 بتنفيذ أول تفاعلات اندماج.
والاندماجات هي التي تمد الشمس بالطاقة، حيث تندمج ذرات الهيدروجين تحت حرارة وضغط شديدين، لتكوين نواة ذرة هيليوم، مما يؤدي إلى دوران نيوترون واحد نشط، في عملية تخرج عن نطاق السيطرة، مما ينتج أسلحة أقوى بمئات المرات من قنبلة ذرية عيار هيروشيما، في حين تظل العملية ثابتة ومنتظمة في محطة توليد الطاقة الاندماجية، والتي يتوقع العلماء أن أول محطة تجارية منها ستبصر النور عام 2050 على الأكثر.