منذ ظهورها عام 1896، تأثرت الألعاب الأولمبية الصيفية الحديثة بالعوامل السياسية التي جاءت لتتسبب إما في تأجيلها أو في مقاطعتها من قبل عدد من الدول الرافضة لسياسات الدولة المستضيفة. إلى ذلك، لم تستثنِ هذه التقلبات السياسية الألعاب الأولمبية الشتوية. فمنذ تاريخ إقامتها لأول مرة عام 1924، ألغيت الألعاب الأولمبية الشتوية مرتين واضطرت لتحمل تقلبات الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، كما حرمت دول من المشاركة بها كنوع من سياسة العقاب.
سحب الملف الياباني
عقب الألعاب الأولمبية الشتوية المثيرة للجدل عام 1936 والتي أقيمت بمدينة غارميش بارتنكيرشن (Garmisch-Partenkirchen) بمنطقة بافاريا الألمانية أثناء فترة تميّزت بإحكام النازيين قبضتهم على البلاد، عاشت اللجنة الأولمبية الدولية بالدورة التالية على وقع حالة من التخبط بسبب القرارات السياسية والعسكرية اليابانية. فخلال السنوات السابقة، منحت اللجنة الأولمبية الدولية شرف استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 1940 لمدينة سابورو (Sapporo) عاصمة منطقة هوكايدو (Hokkaidō) المصنفة كثاني أكبر جزر أرخبيل اليابان.
عقب أحداث جسر ماركو بولو، المفتعلة من قبل اليابانيين، خلال شهر تموز/يوليو 1937، باشرت اليابان بعملية غزو الصين معلنة بذلك بداية الحرب الصينية اليابانية الثانية التي أسفرت عن سقوط ملايين الضحايا وانتهت بنهاية الحرب العالمية الثانية. إلى ذلك، أثارت بداية الغزو الياباني للصين غضب العديد من القوى العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتان باشرتا بالضغط على الجانب الياباني لإنهاء النزاع.
في غضون ذلك، ألقت هذه الحرب بظلالها على دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 1940. فتزامنا مع اعتذار اليابان عن استضافتها عام 1937، سحبت اللجنة الأولمبية الدولية ترشيح مدينة سابورو واتجهت للبحث عن بديل لها.
حرب عالمية ألغت دورتين من الألعاب الأولمبية الشتوية
بحلول ربيع عام 1939، وافقت اللجنة الأولمبية الدولية على منح مدينة غارميش بارتنكيرشن الألمانية شرف استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 1940 للمرة الثانية على التوالي، حيث فضّل المسؤولون الأولمبيون حينها ترشيح هذه المدينة الألمانية بسبب جاهزيتها وامتلاكها للبنية التحتية الملائمة لاستضافة هذا الحدث الرياضي العالمي.
إلى ذلك، ألغيت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي كان من المقرر أن تجرى ما بين يومي 2 و11 شباط/فبراير 1940. فقبل نحو 5 أشهر، أقدمت القوات الألمانية يوم 1 أيلول/سبتمبر 1939 على غزو الأراضي البولندية معلنة بذلك بداية الحرب العالمية الثانية التي استمرت لستة سنوات وأسفرت عن سقوط 60 مليون قتيل.
من جهة ثانية، عرفت الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 1944 مصيرا مشابها لتلك التي كان من المقرر أن تجرى عام 1940. فبعد اختيار مدينة كورتينا دامبيدزو (Cortina d'Ampezzo) بإقليم فينيتو (Veneto) بالشمال الإيطالي لاستضافتها، ألغيت هذه الدولة بسبب تواصل الحرب العالمية الثانية التي كانت إيطاليا جزءا منها.
عام 1948، استضافت مدينة سانت موريتز (St. Moritz) السويسرية الدورة الخامسة من الألعاب الأولمبية الشتوية. ومرة أخرى، طغت القرارات السياسية على هذه الدورة. فبسبب دورهما بالحرب العالمية الثانية، استثنيت كل من اليابان وألمانيا من المشاركة بهذه الدورة التي أقيمت ما بين يومي 30 يناير و8 فبراير عام 1948.