قال إيلون ماسك قبل ثلاث سنوات ونصف في القمة العالمية للحكومات في دبي، وقبل فترة قصيرة من تعيين دولة الإمارات أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم «سنرى على الأرجح اندماجًا أوثق بين الذكاء البيولوجي والذكاء الرقمي، وقد تساعد واجهة بينية الدماغ في تحقيق التكافل بين ذكاء الإنسان والآلة.» وفي الشهر التالي أعلن ماسك تطويره لواجهة دماغيّة حاسوبيّة، سماها نيورالينك.
وأطلقت الشركة الناشئة نموذجها الأولي «في 2» وهو جهاز على شكل عملة معدنية مصمم لينغرس في الجمجمة، ويزرع خلال أقل من ساعة دون تخدير عام. وقدم ماسك خلال العرض حظيرة من الحيوانات (الخنازير) المزودة بأجهزة نيورالينك. وأصدر أحدها أصواتًا وهو يشم كعلامة على زيادة نشاط الدماغ. لكن هذا كل ما ما تفعله حتى الآن، ولا يوجد تاريخ إطلاق متوقع لها، وأكد ماسك أن العرض كانت في الأساس محاولة لتوظيف العلماء في شركته.
ويبدو أن الوصول إلى واجهة لصيقة بين الحاسوب والدماغ أمر لا مفر منه، بعد أن شاهدنا مدى ارتباط العديد من الأشخاص بهواتفهم الذكية. ومع ذلك، فنحن لا نعرف تمامًا ما سنفعله بأجهزتنا الرقمية إن مكنتنا الزرعة من التحكم بها. وربما نتمكن من تشغيل الأضواء أو طلب شيء عبر الإنترنت بمجرد التفكير فيه. وقد يبدو هذا وكأنه من الخيال العلمي، وهو ما زال كذلك في الوقت الحاضر. والواقع أن علماء الأعصاب درسوا منذ عقود فكرة الواجهة الحاسوبية الدماغيّة القادرة على تحويل إشارات المخ إلى مخرجات تشير إلى نية المستخدم. وستكون حالات الاستخدام الأولى علاجية إلى حد كبير. ما يُمكن للأشخاص المصابين بالشلل تحريك أطرافهم الصناعية بسهولة أكبر، ويمكّن المكفوفين من استعادة بصرهم.
وفعلًا أظهرت هذه الواجهات إمكانات كبيرة، فسمحت واجهة «براين جيت» مثلًا لمريض مصاب بالشلل الرباعي بإرسال رسالة نصية من دماغه. لكن تطوير تطبيق مميز لهذه التقنيّة سيتطلب معالجة أفضل للمشكلات العصبيّة المعقدة. وقال ماثيو أنجل، الرئيس التنفيذي لشركة بارادوميكس، في حديث مع مجلة فوربس «أرى أن مستقبل الواجهات الدماغية الحاسوبيّة هو معالجة المشكلات والاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب والفصام واضطرابات الوسواس القهري. وتوجد طرق مختلفة لتطوير هذه الواجهات لتتعامل مع هذه البيولوجيا المعقدة.»
ويتصور ماسك الوصول لعلاجات لمجموعة مماثلة من الأمراض، بالإضافة إلى الألزهايمر والخرف باستخدام نيورالينك، وأظهر أطباء الأمراض العصبيّة ردود أفعال متباينة تجاه الجهاز. إذ قال لورين فرانك، عالِم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو ومعهد هوارد هيوز الطبي، في حديثه مع وايرد «إن عمل نيورالينك في دماغ بشري لفترة طويلة دون مشكلات، ودون تدمير مجموعة من الأوعية الدموية يمثل مشكلة بيولوجية صعبة، بغض النظر عن جمال الأداة ذاتها.»
ولا يرحب الجسم عادة بالإلكترونيات، ما يعني أنً مواد الواجهة ستشكل تحديًا كبيرًا أثناء عمل الدماغ، وقد تؤدي المواد الصلبة إلى إصابة الدماغ، ما يؤدي إلى تراكم النسيج الندبي. ولا يقل استكشاف ما يفعله تأثير برامج الذكاء الاصطناعي على الدماغ أهميّةً عن اختبار سلامة تأثير تلك المواد على هذه الواجهة الدماغية الهشة. ومن الأساليب المحتملة لتحقيق تلك الوصلات استخدام عملية تحوّل البوليمر السائل إلى هيدروجيل ألياف نانوية ناقل يسهل طباعته على بوليمر مرن.
وقال تيمير داتا شاودهوري، من معاهد فاينشتاين للأبحاث الطبية في نيويورك، في حديثه مع نيوساينتست «إن الجزء الصعب الذي قاموا به هو جعل الحيوان يبدو سعيدًا ويتجول ويتصرف بشكل طبيعي، خلال عملية نقل البيانات لاسلكيًا. أما الفريق الآخر الذي تمكن من زرع هذه الواجهة اضطر إلى وضع الحيوان على طاولة عمليات تحت التخدير والأسلاك تخرج من دماغه.»
وحذر داتا شاودهوري من أن الحيوانات السعيدة قد لا تكون صحيحة الجسم، وقال «لقد قللوا من أهمية الضرر المحتمل في المخ، والذي لا يمكن ملاحظته بسهولة في البشر، فما بالك بالخنازير، فلن تعرف إن كانت الخنازير الأخرى تبتعد عنه لأنه يتصرف بشكل غريب.»
ويرى إيلون ماسك أن شركته الناشئة نيورالينك (عمرها أربع سنوات) ستكون أول من يصنع غرسة دماغية وتوفرها للجميع بأسعار معقولة.
بقلم أمريتا خالد
The post البحث عن التطبيق الأفضل للواجهات الدماغية الحاسوبية appeared first on مرصد المستقبل.