التحديات اللوجستية التي تواجه توزيع لقاح كوفيد-19

سيتذكر كثيرون العام 2020 بأنه العام الذي قلبت فيه حياتنا رأسًا على عقب بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد.

واليوم ونحن نقترب من نهاية العام لاح الأمل في الأفق بلقاحات آمنة وفعالة، إذ أعلنت شركتا فايزر وبيونتك أن لقاحهما أثبت فعاليته بأكثر من 90%، وأعلنت شركة موديرنا بعدهما أن لقاحها فعال بنسبة 94.5%، ونشرت جامعة أكسفورد نتائج مبشرة لتجاربها على لقاح أكسفورد-استرازينيكا خاصةً بين المسنين، وتعمل شركة جروب 42 في أبوظبي على تطوير لقاح وتصنيعه العام المقبل، وأعلنت روسيا والصين ودول أخرى عن نتائج إيجابية لتجاربها السريرية ويخضغ 40 لقاحًا لاختبارات تقييم سريرية، وصلت منها 11 لقاحًا حاليًا، إلى المرحلة الثالثة من التجارب، وهي المرحلة النهائية قبل الموافقة التنظيمية.

وظهرت علامات التفاؤل في السوق، إذ شهدت الصناعات الأكثر تضررًا، ومنها شركات الطيران ودور السينما والضيافة، ارتفاعًا في قيمتها السوقية بعد تلك الأخبار، ما يمنحنا أملًا في العودة إلى مظاهر الحياة الطبيعية في العام المقبل.

وتستعد شركات الأدوية والهيئات الطبية الرائدة في العالم للقاح، وكذلك تستعد الحكومات وشركات الخدمات اللوجستية لما قد يكون التحدي اللوجستي الأهم في تاريخها، إذ عليها إيصال الدواء بأمان وفعالية لمليارات الأشخاص.

لكن بعد أن واجهت سلاسل الإمداد العالمية انقطاعات كبيرة خلال الموجة الأولى من الجائحة، مع زيادة الطلب على معدات الوقاية الشخصية وصعوبة تأمين المعدات الطبية الأساسية. ربما تمكن هذه الخبرة مقدمي الخدمات اللوجستية والحكومات وشركات الأدوية وغيرهم في تحسين سلسلة الإمداد، والتي لن ينجح دونها توزيع لقاح كوفيد-19.

توزيع لقاح كوفيد-19

تتوقع ورقة نشرتها شركة دي إتش إل بالتعاون مع ماكنزي الحاجة إلى 15 ألف رحلة جوية لتوزيع الإمدادات العالمية من اللقاح، والتي ستحمل 15 مليون صندوق تبريد وكميات كافية من الثلج الجاف. وأجرت شركات الخدمات اللوجستية بعض الاختبارات هذا العام، لكن توزيع اللقاح يواجه تحديات فريدة خاصة به.

وتتطلب العملية نقل اللقاحات من المواقع المركزية إلى مواقع التوزيع، ومنها المستشفيات والصيدليات ومراكز التطعيم، بالطائرات أو الشاحنات. وسيتعين على السلطات الصحية والمنتجين ومقدمي الخدمات اللوجستية العمل معًا لضمان سلسلة إمداد مناسبة تساعد على وصول اللقاح بأمان إلى الناس في جميع أنحاء العالم.

مرافق التحكم في درجة الحرارة

يتطلب تخزين لقاح فايزر وبيونتك درجة حرارة تبلغ -70 درجة مئوية، وسيتطلب ذلك سلسلة إمداد تتيح التحكم في درجة الحرارة، وتخزين اللقاح في ثلاجات وصناديق تبريد من المخازن حتى التسليم، علمًا أن سلاسل التبريد الحالية توفر درجة حرارة تتراوح بين +2 و-8 درجة مئوية.

وبدأت شركات الخدمات اللوجستية بإجراء تعديلات تتيح التعامل مع اللقاح، وتبني بعض الشركات اليوم مرافق مخصصة استعدادًا للقاح كوفيد-19. وتعمل شركة يو بي إس في الولايات المتحدة الأمريكية على بناء مزارع تجميد عملاقة لتخزين ملايين الجرعات من اللقاح.

وخلافًا للمجمدات الكبيرة المخصصة للتخزين الضخم، صُمِّمَت مزارع التجميد لتلبية احتياجات التخزين اللازمة لصناعة الأدوية للتعامل مع عناصر محددة، ومنها عينات الدم.

وستكون مزارع التجميد هذه قريبة من مراكز الشحن الجوي، لتسهيل نقلها. وبدأت شركة فيديكس للخدمات اللوجستية بشراء مجمدات وشاحنات تبريد وحساسات وأغطية حرارية، لكن التحديات اللوجستية لا تنتهي عند هذا الحد. وسيتعين تعبئة صناديق التبريد في بعض الحالات بالثلج الجاف خلال عملية النقل، خاصة أثناء عمليات التوصيل النهائية، للحفاظ على درجات الحرارة اللازمة.

المراقبة والتتبع

سيتطلب لقاح كوفيد-19 أيضًا استخدام نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) وحساسات درجة الحرارة طوال فترة التسليم لضمان سلامة اللقاح وأمنه. وأصبحت شركات الخدمات اللوجستية اليوم أفضل في مراقبة سلاسل الإمداد، بفضل الانخفاض في تكلفة تقنيات الاستشعار والدروس المستفادة من صناعة التجارة الإلكترونية.

وأصبحت الحماية من السرقة والقدرة على التنبؤ بالانقطاعات الجزئية والتوقف في سلسلة الإمداد ممكنة اليوم بفضل هذه التقنيات. وستكون الحساسات ضرورية أيضًا لضمان الحفاظ على درجات حرارة مثلى خلال عمليات التسليم بأكملها لضمان جودة اللقاح ومنع الهدر.

وستضمن القدرة على جمع المعلومات ومشاركتها سلسلة إمداد أكثر شفافية. ويمثل هذا فرصة كبيرة لتقنية بلوكتشين التي قد تحمي سلسلة الإمداد من العبث. وبدأ تطوير منصات بلوكتشين مخصصة لسلاسل إمداد الأدوية، وستكون هذه المنصات ضرورية لعمليات التوزيع المشابهة في المستقبل.

سعة الشحن

تمثل القدرات المحدودة للشحن الجوي اليوم عقبة كبيرة تواجه مقدمي الخدمات اللوجستية لتوزيع اللقاح. وتأثرت صناعة السفر في ظل الجائحة، وانخفضت سعة الشحن بصورة كبيرة، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

وإن تزامن توزيع لقاح كوفيد-19 مع عمليات توزيع الإلكترونيات وإطلاق الهواتف الذكية الجديدة، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الأسعار.

وقد تستخدم الشركات نهج التصنيع الموزع، بالاعتماد على مواقع تصنيع متعددة في كل منطقة. وقد يخفف استخدام حلول النقل متعدد الوسائط هذا الضغط على شبكات التوزيع ويتيح شحن كميات كبيرة من اللقاح.

الاستعداد اللوجستي في دولة الإمارات العربية المتحدة

تستعد صناعة الخدمات اللوجستية في الإمارات العربية المتحدة أيضًا بأسلوب مشابه لهذه الاتجاهات. واستثمرت شركة الإمارات للشحن الجوي في مرافق مخصصة لتوزيع لقاح كوفيد-19.

وصُمِّمت هذه المرافق لتزويد السوق المحلي، ولتكون بمثابة مركز عالمي للتوزيع أيضًا. وسيتلقى هذا المركز اللقاح من المصنّعين لتجهيزه للتوزيع الإقليمي والدولي.

وستكون المرافق التي تبلغ مساحتها 370 مترًا مربعًا مجهزة بتقنيات للتحكم بدرجة الحرارة، وتستوعب نحو 10 ملايين جرعة من اللقاح.

وتعمل شركة طيران الإمارات تعمل اليوم مع شركة فايزر لدعم احتياجات التوزيع العالمية. وستلعب دولة الإمارات دورًا محوريًا في سلسلة توزيع اللقاح المبردة في جميع أنحاء العالم، بصفتها مركزًا رائدًا للسفر والخدمات اللوجستية على مستوى العالم، وبفضل بنيتها التحتية اللوجستية ذات المستوى العالمي وموقعها الاستراتيجي بين الشرق والغرب.

وما زالت أمامنا تحديات كبير في المستقبل، وستوفر الطريقة التي تدير بها شركة طيران الإمارات جهود التوزيع هذه دروسًا مهمة لصناعة الخدمات اللوجستية. ويراقب العالم بأسره هذه التطورات المهمة عن كثب.

The post التحديات اللوجستية التي تواجه توزيع لقاح كوفيد-19 appeared first on مرصد المستقبل.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: