الجمعة البيضاء..هكذا دفنت الثلوج بأيام 10 آلاف عسكري نمساوي وإيطالي

خلال العقود التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الأولى، لم تتردد إيطاليا، التي توحدت بشكل رسمي خلال النصف الثاني من القرن 19، في التقرب من كل من الإمبراطوريتين الألمانية والنمساوية المجرية عقب تزايد الخلافات التي سببتها الأزمة الاستعمارية مع الفرنسيين والبريطانيين. ومن خلال هذا التقارب، قبلت إيطاليا بتحالف عسكري دفاعي جمعها بكل من الألمان والنمساويين لمواجهة أي اعتداء محتمل قد يطال أحد هذه القوى الثلاثة.

لكن بعد مضي أقل من عام على بداية الحرب العالمية الأولى، لم تتردد إيطاليا في تغيير تحالفها بشكل مفاجئ لتعلن الحرب على حلفائها السابقين. فعقب وعود وامتيازات تحصلت عليها بمؤتمر لندن، أعلنت إيطاليا رسميا يوم 23 أيار/مايو 1915 الحرب على النمسا المجر قبل أن تباشر بإرسال أعداد كبيرة من قواتها نحو الشمال لمهاجمة النمساويين.

معارك ضارية بمناطق وعرة

إلى ذلك، جمعت إيطاليا على عجل طيلة فترة الربيع نحو 1.2 مليون عسكري واستعدت لإرسالهم نحو مناطق جنوب التيرول (South Tyrol) ونهر إيسونزو (Isonzo River) لمقارعة النمساويين. وفي الأثناء، افتقر الإيطاليون للجاهزية العسكرية حيث لم تمتلك السلطات الإيطالية حينها أسلحة كافية، وتمكنت فقط من تجهيز حوالي 732 ألف جندي بعتاد عسكري ملائم.

وقد مثلت هذه المناطق حينها بيئة غير ملائمة للمعارك والمواجهات بسبب كثرة الثلوج. وبعد تقدم بسيط حققه الإيطاليون مع بداية النزاع أجبرت القوات الإيطالية على التوقف لتضطر لخوض معارك ضارية بالجبال المغطاة بالثلوج ضد النمساويين.

إلى ذلك، مثلت المناطق الجبلية القريبة من نهر إيسونزو بالحدود الإيطالية النمساوية أرضا وعرة أرعبت كلا الجانبين أثناء فصل الشتاء. ولوصف هول المشهد بهذه المناطق، أكّد الجنرالات النمساويون أن خوفهم من الشتاء بالجبال أكبر بكثير من خوفهم من مواجهة الإيطاليين.

10 آلاف قتيل

يوم 13 كانون الأول/ديسمبر 1916 تحوّلت مخاوف الجنرالات النمساويين لواقع. فأثناء تواجدهم داخل ثكناتهم بمنطقة غران بوز (Gran Poz) عند قمة جبل مارمولادا (Marmolada) تفاجأ الجنود النمساويون بانهيار ثلجي أسفر عن دفن نحو 300 منهم تحت الثلوج ضمن ما عرف بأحداث الجمعة البيضاء. وخلال نفس اليوم، شهدت المنطقة انهيارات ثلجية أخرى انتهت بفقدان المئات من العسكريين النمساويين والإيطاليين.

وعلى مدار أسبوع، تواصلت الانهيارات الثلجية بالمنطقة ساحبة معها أعدادا كبيرة من الجنود من كلا الطرفين. وعلى حسب المصادر النمساوية والإيطالية، أسفرت هذه الكارثة الطبيعية عن دفن ما لا يقل عن 10 آلاف عسكري تحت الثلوج.

بحلول فصل الربيع وبداية ذوبان الثلوج، ظهرت جثث العديد من العسكريين الذين فقدوا بأحداث الجمعة البيضاء. وقد اتجه الإيطاليون والنمساويون حينها لانتشالها لدفنها بشكل لائق.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: