“العربية نت” تفتح ملف الأمراض الاستقلابية وطريقة علاجها بالجينات

طفل عجوز بمظهر ثمانيني لم يتجاوز عمره الخامسة، ثبتت إصابته بمرض وراثي نادر، ويعاني هذا الطفل البنغلاديشي، وفق صحيفة الـ"ديلي ميل" Daily Mail البريطانية، تورماً بالوجه وترهلاً بالجلد، وتبدو عيناه جوفاوان، وتؤلمه مفاصله، ولا يستطيع التبول بسهولة. أسنانه تبدو ضعيفة مكسورة، ويتمنى والداه أن تحدث معجزة ليتعافى.

هذا الطفل المصاب بمتلازمة "غيلفورد هاتشينسون"، يدعى بيازيد حسين، تحولت قصة مرضه إلى عمل سينمائي بصبغة إنسانية ملهمة، تناوله مخرج فيلم "Benjamin Button" متوغلاً في نفسية الطفل، وحسب قصة الفيلم فإن الأطفال يخشون اللعب والتعامل معه، وبرغم ذلك يمتلك قدرات فائقة في الذكاء.

ثورة تكنولوجية في مستقبل "الطب الدقيق"

وتصنف الأمراض الوراثية الاستقلابية النادرة إلى أنواع منها "فابري" و"جاوشير" و"هانتر"، وعلى ضوء ذلك، أكد الدكتور السعودي، ماجد الفضل، رئيس قسم الأمراض الوراثية في مستشفى الحرس الوطني بالرياض، في حديث خاص لـ"العربية.نت"، أن السعودية تمتلك خبرات ومقومات طبية تضاهي الدول الكبرى في مجال العلاج الوراثي، مع وجود عقول متخصصة وخبرات علمية بإمكانات طبية متطورة، مشيراً إلى إنه مع تطور العلوم والتكنولوجيا، أصبح من الممكن علاج الإنسان حسب جيناته، بما يعرف بـ"الطب الدقيق"، معتبراً هذا المجال مستقبل الطب في العقدين القادمين، وسيكون فعالاً في علاجات كل الأمراض الخطيرة، بما يضمن لها الشفاء والتعافي التام.

أمراض وراثية تسبب التخلف العقلي والعمى وتضخم الكبد والطحال

وخلال مؤتمر طبي أقيم مؤخراً بدبي، برعاية جمعية الأمراض الجينية في السعودية بالتعاون مع جمعية الإمارات الجينية في الإمارات، ناقش متخصصون علاج الأمراض الوراثية، وشارك فيه د. ماجد الفضل الذي قدم أكثر من 170 ورقة بحث منشورة حول الأمراض الوراثية على صفحات مجلات الطب العالمية.

وقال د. الفضل إن بعض الحالات تسبب التوتر في بعض الأعضاء، وتشمل التخلف العقلي والعمى الكلي وتضخم الكبد والطحال، وكثير من تلك الحالات لا يمكن تشخيصها بسهولة.

حلول ناجعة وتوعية بإجراء فحوص مخبرية لما قبل الزواج

وتكمن أهمية الاكتشافات الطبية لهذه الأمراض، بحسب د. الفضل، من كونها تكلف خزينة الدول فواتير مالية، مضيفاً: الأدوية لا تمثل "حلاً ناجعاً" بكل الأحوال، لكن ينبغي أن يترافق معها جرعات توعوية زائدة المنسوب، وبرامج وقائية مضادة مثل التشجيع بإجراء الفحوص المخبرية لما قبل الزواج وفحص المواليد المبكر، إضافة إلى تسلسل الإكزونات الشامل، وتسلسل الجينوم الوراثي، من أجل تحصين المجتمع من هذه الأمراض الخطيرة.

وأشار دكتور الفضل إلى أن معدل الأمراض الوراثية النادرة في منطقة الخليج تتراوح بين 1.1000 إلى 1.2000، شخص مصاب، وقد تؤدي بعض تلك الأمراض إلى الوفاة مبكراً.

وأضاف في حديثه لـ"العربية.نت" أنه من المتعارف عليه أن هذه الأمراض الاستقلابية لا يوجد لها أي علاج، مع أن هنالك اكتشافات طبية حديثة تؤكد وجود أدوية متوفرة في المملكة العربية السعودية والخليج، نجحت في شفاء الكثير من الحالات.

نحو 7000 مرض جيني في العالم يصعب تشخيصها

في ذات السياق، أكد د. شريف إبراهيم، الرئيس الطبي لـ"Takeda" المتخصصة في الأمراض الوراثية بالشرق الأوسط، إن هناك نحو 7000 مرض جيني في العالم يصعب على أطباء متخصصين تشخيصها، ذلك أن المريض يصل للطبيب متأخراً، لذلك يتعذر حصوله على أي استفادة علاجية ملموسة.

وأشار إلى أن هناك من 5 إلى 10 حالات مصابة بمرض وراثي بين كل مليون مواطن بأي بلد في العالم، مؤكدا على وجود علاجات حققت طفرات واختراقات طبية مهمة، لكنها في كثير من الحالات أقل كفاءة، ولا تضمن نتائج مرضية، باستثناء حالات خضعت لتشخيص مبكر، أثبتت معها العلاجات المتوفرة فعالية كبيرة، وساهمت في رفع معدلات تعافي المرضى بسهولة.

الحرج العائلي.. والحل في زيادة التوعية

وفي موازاة ذلك، لا توجد دراسات طبية دقيقة عن عدد الأمراض الوراثية، فكلما زاد الوعي زادت فرصة إيجاد الحالات وعلاجها، وتساعد رسائل التوعية بأهمية إجراء الفحص المبكر، على اكتشاف الحالات والتمكن من القضاء على مختلف أنواع الأمراض الجينية في المجتمعات.

لكن التحدي الأكبر وفق د. شريف إبراهيم، يكمن في تغيير سلوك بعض العائلات، التي تجد حرجاً اجتماعياً في إعلان أحد أفراد أسرتها مصاباً بمرض وراثي، ونسعى عبر مشاركاتنا في مؤتمرات طبية دولية أو من خلال برامج جمعيات جينية ومنصات إعلامية، حيث التوعية بضرورة الكشف عن الأمراض والبدء في علاجها، إلى جانب الدفع بإجراءات الفحص الدوري المبكر لتلافي حدوث صدمات مرضية لاحقة، قد لا تنجح معها أية حلول علاجية.

أشهر العلاجات المعتمدة

ولفت د. شريف إبراهيم إلى أن "هناك مرضا جينيا نادرا يصيب شخصا واحدا من بين 50 ألفا إلى 200 ألف من إجمالي سكان أي دولة"، معتبراً أن هذه الأمراض تتوفر لها علاجات حديثة ومتطورة في الخليج، بخلاف ما يعتقده معظم الناس بأنها لا تتجاوب مع أي علاج.

وتابع بالقول: "أشهر العلاجات المعتمدة، وأكثرها كفاءة هي العلاج بالجينات والعلاج من خلال إمداد المريض ببديل الإنزيم، إضافة إلى العلاج بالخلايا الجذعية.. هناك علاجات تحت الدراسة لتغيير التركيب الجيني للمرضى لمساعدتهم على إنتاج هذه الإنزيمات، ويتم اختيار أي من هذه العلاجات حسب ما تتطلبه كل حالة".

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: