بالنسبة لكثير من المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، يمثل يوم صدور نتائج الانتخابات وخسارتهم للسباق الرئاسي أسوأ أيام حياتهم. لكن بالنسبة للرئيس السادس والعشرين بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية، ثيودور روزفلت (Theodore Roosevelt)، الذي ترأس البلاد ما بين عامي 1901 و1909، مثّل يوم 14 فبراير 1884 أسوأ يوم بحياته. فخلال ذلك اليوم فقد الأخير زوجته ووالدته وأصيب جراء ذلك بالاكتئاب.
قبل هذه الحادثة التراجيدية بأربع سنوات، تزوج ثيودور روزفلت من أليس هاثاوي لي (Alice Hathaway Lee) التي تعرّف عليها عام 1878 بمنزل صديقه ريتشارد سالتنستول (Richard Saltonstall). ومنذ لقائهما الأول، وقع ثيودور روزفلت في حب أليس هاثاوي لي واتجه للزواج منها. وبادئ الأمر، رفضت الأخيرة الارتباط به قبل أن توافق في النهاية على هذا الزواج وهي في السنة الثامنة عشرة من عمرها.
عقب زواجهما، عاش كل من روزفلت وزوجته حياة البذخ فتنقلا بين قاعات الأوبرا والمسارح والحفلات الراقية، وانطلقا عام 1881 في رحلة استمرت 5 أشهر قادتهما نحو عواصم أوروبية عديدة. وخلال نفس العام، انتخب ثيودور روزفلت، البالغ من العمر حينها 23 عاماً، عضواً بمجلس ولاية نيويورك ليصبح بذلك أصغر عضو بهذا المجلس. ومع بداية فترة حمل زوجته، عاد ثيودور روزفلت برفقة أليس هاثاوي لي إلى مدينة نيويورك ليقطن بمنزل والدته مارثا بولوك روزفلت (Martha Bulloch Roosevelt).
سارت الأمور على يرام بالنسبة لروزفلت لحدود يوم 12 فبراير 1884، حيث تلقى الأخير يومها برقيتين من شقيقته هنأته الأولى بمولد ابنته، بينما حدّثته الثانية عن تدهور الحالة الصحية لزوجته وإمكانية إصابتها بالتهاب حاد عند مستوى الكلى. وعلى جناح السرعة، غادر روزفلت مدينة ألبني (Albany) ليعود مسرعاً نحو نيويورك حيث تفاجأ بمعاناة زوجته من مرض برايت وإصابة والدته بحمى التيفوئيد.
وعقب وصوله لنيويورك، انهار روزفلت يوم 14 فبراير 1884 على إثر وفاة والدته بعد معاناة شديدة مع المرض. ولم تتوقف مآسي هذا السياسي الأميركي عند هذا الحد. فبعد مضي 12 ساعة فقط عن وفاة والدته، فقد ثيودور روزفلت زوجته أليس هاثاوي لي التي توفيت في نفس اليوم وهي في الثانية والعشرين من العمر. وعن هذا اليوم، تحدّث روزفلت لأصدقائه لاحقاً قائلاً: "النور اختفى من حياتي".
على إثر ما مر به يوم 14 فبراير 1884، أمر ثيودور روزفلت أقرباءه ومرافقيه بعدم ذكر اسم زوجته أمامه وانطلق منهاراً نحو إحدى المناطق الريفية بأراضي داكوتا (Territory of Dakota) حيث قضى عامين بعيداً عن السياسة، تاركاً مهمة رعاية ابنته لشقيقته.
وفي حدود العام 1886، عاد روزفلت مجدداً لمدينة نيويورك حيث اتجه لاستعادة حياته السياسية والاعتناء بابنته فترشح لرئاسيات العام 1900 كنائب للمرشح الجمهوري وليام ماكينلي (William McKinley) الذي حقق النصر بهذه الانتخابات. وعلى إثر حادثة اغتيال ماكينلي، حصل روزفلت على صلاحيات الرئيس وانتقل نحو البيت الأبيض، ليظل هناك لمدة قاربت 8 سنوات عقب انتصاره بانتخابات العام 1904.