قبل بداية الحرب العالمية الثانية، مثلت مناطق الغرب الأوكراني، التي ضمت المناطق التاريخية لكل من ترانسكارباتيا (Transcarpathia) وشرق غاليسيا (Eastern Galicia) وفولينيا (Volhynia) وشمال بوكوفينا (northern Bukovina)، جزء من الأراضي البولندية. لكن مع بداية التدخل العسكري الألماني السوفيتي ضد بولندا بشهر أيلول/سبتمبر 1939 حسب ما جاء باتفاقية مولوتوف ريبنتروب (Molotov-Ribbentrop)، وقعت هذه المناطق الشرقية بقبضة موسكو التي لم يتردد في ضمّها لجمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية التي مثّلت واحدة من جمهوريات الاتحاد السوفيتي.
اعتقال المعارضين السياسيين
إلى ذلك، تميّزت فترة الاحتلال السوفيتي للغرب الأوكراني بتصاعد وتيرة القمع الستاليني. فمنذ البداية، أمر القائد السوفيتي جوزيف ستالين بضرورة تحويل سكان هذه المناطق لمواطنين سوفيت صالحين عن طريق الآلة الدعائية. من ناحية أخرى، حذّر ستالين من عناصر أخرى وصفها بالخطيرة بالغرب الأوكراني. وانطلاقا من ذلك، طالب القائد السوفيتي بضرورة القضاء على جميع معارضي الوجود السوفيتي.
وبناء على أوامر ستالين، باشر أفراد المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية، المعروفة أكثر باسم إن كيه في دي (NKVD)، بملاحقة المعارضين. وما بين شهر شباط/فبراير وحزيران/يونيو 1940، أسفرت العمليات الأمنية للمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية عن اعتقال عشرات الآلاف من سكان الغرب الأوكراني الذين واجهوا عقوبات قاسية تراوحت بين السجن والنفي نحو مناطق نائية بسيبيريا وكازاخستان والإعدام.
إلى ذلك، تصاعدت وتيرة الحملات الأمنية غرب أوكرانيا بشكل كبير بحلول شهر نيسان/أبريل 1940. فأثناء تلك الفترة، امتدت الاعتقالات لتشمل عائلات المعارضين. فضلا عن ذلك، لم يتردد أفراد المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية في اعتقال العديد من المهندسين والحرفيين والصحافيين والمحامين والأساتذة الجامعيين الذين تواجدوا بهذه المناطق. وعلى حسب عدد من التقديرات، بلغ عدد المعتقلين السياسيين داخل السجون بغرب أوكرانيا وبولندا وروسيا البيضاء ودول البلطيق الثلاثة عشية بداية الغزو الألماني للأراضي السوفيتية يوم 22 حزيران/يونيو 1941 نحو 140 ألف معتقل.
40 ألف ضحية بأيام بغرب أوكرانيا
مع بداية الغزو الألماني، أصدر المسؤولون السوفيت الأمر رقم 00803 الذي تقرر بموجبه إعدام جميع المعتقلين السياسيين بالسجون بهذه المناطق تجنبا لوقوعهم في قبضة القوات الألمانية. وبحلول يوم 23 حزيران/يونيو 1941، باشر أفراد المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية بتنفيذ هذه الأوامر.
بسجن مدينة لوتسك (Lutsk) بمنطقة فولينيا الأوكرانية، جمّع السوفيت المعارضين السياسيين داخل غرف صغيرة واقتادوهم فيما بعد نحو ساحة السجن بعد أن أوهموهم بصدور أوامر بنقلهم. ومع تكدسهم بالساحة، فتح الحراس السوفيت نيران رشاشاتهم صوب المعتقلين متسببين في مقتل ما لا يقل عن 4 آلاف منهم. ولتسريع عملية التخلص من المعارضين، لجأ المسؤولون السوفيت لطرق إعدام أخرى. فبالقرب من مدينة لفيف الأوكرانية (Lviv)، جمّع الحراس السوفيت يوم 26 حزيران/يونيو 1941 أكثر من ألف معتقل داخل زنزانتين قبل أن يلجؤوا لتفجيرهما بشكل كامل متسببين في وفاة وردم المعتقلين تحت الأنقاض.
على حسب العديد من المؤرخين، أقدم أفراد المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية السوفيتية على قتل ما بين 20 و40 ألف معتقل سياسي بالغرب الأوكراني خلال الأيام التي تلت الغزو الألماني. وفي الأثناء، أكّد كثيرون على أن ما لا يقل عن 70% من الضحايا كانوا من ذوي الأصول الأوكرانية.