بالحرب العالمية.. حين نسف السوفيت ثالث أهم سد بالعالم

عقب نهاية الحرب الأهلية الروسية وانفراد فلاديمير لينين ورفاقه بالسلطة، اتجه البلشفيون لوضع خطط تنموية أملا في جعل الاتحاد السوفيتي دولة صناعية قادرة على مقارعة بقية القوى العالمية. وقبل ظهور الخطط الخمسية تزامنا مع إحكام جوزيف ستالين لقبضته على البلاد، شهد الاتحاد السوفيتي بأول العشرينيات ظهور خطة غويلرو (GOELRO) التي مثلت أول خطة سوفيتية ظهرت لإنعاش الاقتصاد وتحقيق التنمية الوطنية. وقد مثلت كلمة غويلرو حينها اختصارا حرفيا بالروسية لما لقب أثناء تلك الفترة بلجنة الدولة لكهربة روسيا.

إلى ذلك، أيد لينين حينها هذه الفكرة مؤكدا ضرورة توفير الكهرباء بكامل أرجاء البلاد لعصرنة منشآتها وتحقيق طموحات ومبادئ الشيوعية.

ثالث أهم سد بالعالم من حيث توليد الطاقة

بهذه الظروف، سجّل مشروع سد دنيبروستروي (Dneprostroi) للطاقة الكهرومائية ظهوره بالعشرينيات حيث وافق المسؤولون السوفيت منذ مطلع العقد على هذا المشروع الذي سعى من خلاله لينين لإنارة الاتحاد السوفيتي، عبر مجرى نهر دنيبر (Dnieper) المصنف كأحد أهم أنهار أوروبا الشرقية، ضمن خطة غويلرو.

ولعب المهندس السوفيتي إيفان ألكسندروف (Ivan Alexandrov) دورا هاما في إنشاء هذا السد. وكتكريم له على جهوده، حصل الأخير فيما بعد على منصب رئيس لجنة التخطيط بالاتحاد السوفيتي. وبناء على الخطط السوفيتية المعدة حينها، كان من المقرر أن يزود السد مصانع الألمنيوم والحديد، التي كانت ستبنى بالمنطقة، بالكهرباء لتشغيلها وضمان إسهامها في تقدم البلاد بالمجالين الصناعي والطاقي.

وأملا في إنجاح هذا المشروع، اتجه المهندسون السوفيت للاعتماد على مخططات المحطة الكهرومائية الكندية المعروفة بمحطة السير آدم بيك (Sir Adam Beck) عند شلالات النياغارا والمحطة الكهرومائية إيل ماليني (Isle-Maligne) بآلما بمنطقة ساغناي لاك سان جان (Saguenay–Lac-Saint-Jean) الكندية. إلى ذلك، صمم السد والبنايات المحيطة به عند نهر دنيبر من قبل المهندسين المعماريين السوفياتيين نيقولاي كولي (Nikolai Kolli) وفكتور فسنين (Viktor Vesnin). وقد انطلقت أشغال البناء عام 1927 لتنتهي بحلول تشرين الأول/أكتوبر 1932. وبناء على إحصائيات تلك الفترة، كان سد دنيبروستروي قادرا على توليد حوالي 560 ميغاواط ليصنف بذلك كثالث أهم سد بالعالم خلف كل من سد هوفر (Hoover Dam) وسد ولسن (Wilson Dam) بالولايات المتحدة الأميركية.

نسف السد و30 ألف قتيل

مع بداية عملية بربروسا (Barbarossa) وانطلاق الغزو الألماني للأراضي السوفيتية بالحرب العالمية الثانية، لم يتردد الجيش الأحمر السوفيتي في تفجير السد باستخدام الديناميت، أثناء انسحابه من المنطقة، لمنع وقوعه بقبضة الألمان. وبسبب عدم تخطيطه مسبقا لنسف السد، تسبب الجيش الأحمر في كارثة بشرية حيث أسفرت كميات المياه الكبيرة التي اندفعت حال حدوث الانفجار عن مقتل أكثر من 30 ألف مدني.

وأثناء مغادرتهم للمنطقة عام 1943 تزامنا مع عودة الجيش الأحمر السوفيتي، أقدم الألمان على تفجير ما تبقى من السد الذي اختفى بشكل شبه كامل.

بداية من العام 1944، باشر الاتحاد السوفيتي بإعادة بناء السد عند منطقة زابوريزهيا (Zaporizhia) الموجودة حاليا بأوكرانيا. فضلا عن ذلك، تكفلت مؤسسة جنرال إلكتريك الأميركية بمهمة بناء مولدات جديدة لهذا السد. وقد استمرت أشغال بناء السد الجديد لحدود العام 1949 قبل أن يبدأ رسميا في توليد الكهرباء بحلول العام التالي.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: