خلال فترة الحرب العالمية الثانية، ساهم الأميركيون ذوو الأصول الإفريقية في صناعة نصر الحلفاء على جيوش المحور. فعقب تزايد عدد الضحاياها في ساحات المعارك، وافقت الولايات المتحدة الأميركية على إشراك السود بشكل أكبر بالحرب. وبعد أن اقتصر دورهم في السابق على جانب من المهام الثانوية، شهد العام الأخير من الحرب العالمية الثانية ظهور فرق مشاة ومدرعات وطيران تكونت من السود، بالجيش الأميركي، وساهمت بشكل فاعل في معارك تحرير فرنسا.
إلى ذلك، لم يقتصر الأمر على الرجال السود فقط بالجيش الأميركي. فخلال فترة تميزت بتواصل تطبيق قوانين جيم كرو (Jim Crow) العنصرية وسبقت إنهاء التمييز العنصري بالجيش على يد الرئيس هاري ترومان، تطوعت الآلاف من النساء السود الأميركيات للمساهمة بمجهودات الحرب أملا في مساعدة بلادهن على تحقيق النصر.
الأسرى الألمان بأميركا
وتزامناً مع تطوعهن، اصطدمت النساء السود، اللوات عملن كممرضات لصالح الجيش الأميركي، بواقع سيئ حيث اضطررن للعمل بفرق تكونت من ذوي الأصول الإفريقية فقط كما خصصت لهن ثكنات منفصلة بعيدا عن زميلاتهن البيض واضطررن لتحمل الإساءات والألفاظ العنصرية التي وجهها لهن السكان المحليون بالمدن والمسؤولون العسكريون البيض والأسرى الألمان أحيانا.
وخلافا لكل ما توقعنه، عملت الممرضات السود بمستشفيات ومعسكرات خاصة تواجد بها إما جنود حملوا نفس لون بشرتهم أو أسرى ألمان جيء بهم من ساحات المعارك حسب ما نص عليه اتفاق جنيف الدولي. فخلال تلك الفترة، حثت هذه الاتفاقية الدول المتنازعة على حسن معاملة أسرى الحرب كما سمحت بإمكانية استغلالهم للقيام بجانب من الأعمال أثناء فترة أسرهم.
وخلال فترة الحرب العالمية الثانية، لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية في استقطاب عدد كبير من الأسرى الألمان قدّر بأكثر من 370 ألف أسير فنقلتهم من شمال إفريقيا وأوروبا عبر المحيط الأطلسي لتعويض أبنائها، الذين تطوعوا بالجيش وتواجدوا بساحات القتال، بحقول القطن.
تعامل الممرضات السود مع الألمان
وفي البداية، آمنت الممرضات السود الأميركيات بإمكانية إرسالهن للعمل بمستشفيات الجيش لمساعدة وإنقاذ حياة رفاقهن من الجنود المصابين على ساحات المعارك مصنّفين مهمتهم كمهمة إنسانية ووطنية. لكن على أرض الواقع، تفاجأت هذه الممرضات بأمر مختلف تماما. فبدل الاهتمام بالجنود الأميركيين، اضطرت الأخيرات للاعتناء وتقديم الخدمات الطبية لأسرى الحرب الألمان فوجدن بذلك أنفسهن رفقة جنود العدو بدلا من جنود الوطن.
وإيمانا منهم بالنظريات النازية العنصرية، عامل بعض أسرى الحرب الألمان الممرضات السود بقسوة عن طريق وصفهم بألفاظ سيئة وعنصرية. وتزامنا مع تقدمهن بشكاوى في الغرض، رفض المسؤولون العسكريون الأميركيون معاقبة أي من الأسرى الألمان على مثل هذه الأفعال.
إلى ذلك، تعامل أغلب الأسرى الألمان بشكل جيد مع الممرضات السود وتعاطفوا مع مشاكلهن المتعلقة بالعنصرية. فضلا عن ذلك، نقل بعض الأسرى الألمان عقب عودتهم لوطنهم مع نهاية الحرب قصصا عن المعاملة السيئة التي تعرضت لها الممرضات السود مؤكدين على استغرابهم من وجود مثل هذه الأشياء والمعاملات السيئة على الأراضي الأميركية.
ارتفاع الوفيات وحلول عنصرية
وأواخر الحرب، لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية في إرسال العديد من هؤلاء الممرضات السود نحو بريطانيا للاعتناء بأسرى الحرب الألمان المصابين هنالك. ومع تزايد أعداد الجنود الأميركيين المصابين، رفض بعض المسؤولين الأميركيين فكرة انتداب مزيد من الممرضات السود فأثاروا بذلك غضب نسبة هامة من الناشطين بالمجتمع المدني الذين تحدّثوا عن اعتماد السلطات لحلول عنصرية أمام ارتفاع أعداد الوفيات في صفوف الجنود الجرحى بسبب نقص العناية الطبية.