بالقرن الـ 20.. تدخلت أميركا وانسحبت من هايتي دون أن تحل أياً من مشاكلها

تزامنا مع انشغال العالم بمجريات الحرب العالمية الأولى التي اندلعت عقب عملية اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند (Franz Ferdinand) ضمن ما عرف بحادثة سراييفو (Sarajevo) يوم 28 يونيو 1914، لم تتردد واشنطن في إرسال قواتها للتدخل بهايتي التي كانت تبعد نحو ألف كلم عن ولاية فلوريدا.

فقبل نحو عامين من دخولها الحرب العالمية الأولى لجانب كل من فرنسا وبريطانيا، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية للتدخل بهايتي التي عاشت اضطرابات سياسية أودت بحياة كثيرين.

التدخل الأميركي بهايتي

فمنذ منتصف القرن التاسع عشر، عانت هايتي من غياب مشروع وطني وانقسمت بين البورجوازية المولاتو (Mulatto) والفلاحين السود. وبسبب ذلك، تتالت التقلبات والتغييرات السياسية بالبلاد لحين قدوم الجنرال فلبران غليوم سام (Vilbrun Guillaume Sam) واعتلائه سدة الحكم خلال شهر آذار/مارس 1915.

وتزامنا مع ذلك، تواصلت الأزمات السياسية بالبلاد التي سرعان ما تحولت لأعمال عنف أودت بحياة المئات وأسفرت يوم 28 تموز/يوليو 1915 عن مقتل الجنرال فلبران غليوم سام الذي حاول الاحتماء داخل مبنى سفارة فرنسا في خضم هذه الأحداث الدامية.

وفي الأثناء، استغل الرئيس الأميركي وودرو ولسن (Woodrow Wilson) حالة عدم الاستقرار بهايتي ليأمر بتدخل عسكري ضدها. وخلال اليوم التالي، حلت السفينة الحربية واشنطن قرب العاصمة بورت أو برانس (Port-au-Prince) ليباشر على إثر ذلك مئات الجنود الأميركيين نزولهم بالعاصمة قبل أن يتمركزوا قرب المواقع الحيوية بها.

انسحاب وفشل في حل مشاكل البلد

وبسبب غياب طبقة سياسية جيدة بالبلاد، اتجهت واشنطن لإعلان حمايتها على هايتي آخذة بذلك على عاتقها مهمة إعادة الاستقرار للمنطقة. وأمام هذا الوضع، اتجه السياسيون، الذين كانوا أساسا من المولاتو، للقبول بالوجود الأميركي. إلى ذلك، حلت المؤسسات الأميركية بالمنطقة للاستثمار بالعديد من القطاعات خاصة بمجال الفلاحة. من ناحية أخرى، لعب الأميركيون دورا هاما في تحديث البلاد حيث اتجهت واشنطن لإصلاح البنية التحتية لهايتي فشيدت الطرقات والمستشفيات والمدارس كما لجأت لرفع قيمة العملة الوطنية لهايتي والمعروفة بالجوردة (gourde) مساهمة بذلك في إنعاش الاقتصاد.

عام 1918، ساهم الأميركيون في قمع التمرد المسلح للفلاحين بشمال الجزيرة متسببين في سقوط آلاف الضحايا. وخلال السنوات التالية، تواصل التدخل الأميركي بالعديد من مؤسسات هايتي كالبنوك والجيش والجمارك. أيضا، حاول الرئيس الأميركي المنتخب عام 1932 فرانكلن روزفلت (Franklin Roosevelt) كتابة دستور لهايتي أملا في ضبط الحياة السياسية بها.

على الرغم من كل هذه الإنجازات المقدمة لهايتي، جذب الأميركيون لأنفسهم عداوة الهايتيين. فبينما وصف السود ظروف حياتهم وعملهم بالعبودية المعاصرة، رفض المولاتو، المصنفون سابقا بالطبقة المثقفة بالبلاد، حصولهم على معاملة شبيهة بتلك التي عومل بها السود بهايتي.

عقب مضي أشهر على انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، عمد الرئيس فرانكلن روزفلت يوم 21 أغسطس 1934 لسحب القوات الأميركية من هايتي دون أن يتمكن من حل أي المشاكل الأساسية لهذا البلد لتعود بذلك هايتي خلال السنوات التالية لدوامة العنف.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: