"نحتاج إلى التغيير من أسفل الهرم".. هذا ما طلبه سابقاً قلب دفاع برشلونة الإسباني جيرارد بيكيه، لكنه لم يكن يتوقع تغييراً جذرياً هذا الموسم، عندما يلاقي بايرن ميونخ الألماني الثلاثاء مجدداً في دوري أبطال أوروبا في كرة القدم بعد الخسارة التاريخية في 2020 وفي ظل الرحيل الصادم للأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي.
وفي ربع نهائي 2020، تعرّض الفريق الكاتالوني لخسارة تاريخية 2-8 أمام الفريق البافاري. آنذاك، اعتبر قلب الدفاع أن على فريقه تغيير كلّ شيء تقريباً، ليس فقط اللاعبين والمدربين، بل الهيكلية، مصراً على وجوب استقدام دماء جديدة، قائلاً: لسنا قادرين على المنافسة أوروبياً.
كان وقع الإذلال كبيراً وتأكيداً ساطعاً على تراجع برشلونة أمام منافسين من عيار بايرن في طريقهم لتسلّق القمة القارية.
وطالب بيكيه بإحداث ثورة، لكن لم تتغيّر أمور كثيرة العام الماضي، بل أن الأزمة المالية أدّت إلى خروج ميسي، أفضل لاعب في العالم ست مرات، باكياً من أسوار فريق دافع عن ألوانه نحو عقدين.
وهي ضربة جديدة تلقاها المشجعون، لرحيل نجم منحهم الغالي والنفيس، إلى صفوف باريس سان جيرمان الفرنسي، لينضم إلى لاعبهم السابق البرازيلي نيمار الراحل عام 2017 مقابل صفقة قياسية بلغت 222 مليون يورو.
فبعد عشرة أيام من موقعة لشبونة المذلّة، أرسل ميسي الـ"بوروفاكس" الشهير إلى إدارة جوزيب بارتوميو طالباً الرحيل. وفيما أصرّ أن الأمر لا علاقة له بخسارة بايرن، قال إن فريقه "قدّم صورة سلبية جداً"، لكنه بقي مرغماً لموسم إضافي.
وللمرّة الأولى في عقدين، يستهل برشلونة مشواره في دوري أبطال أوروبا من دون "البرغوث"، الذي وقع على هدفه الأول في المسابقة القارية عام 2005 ويملك في رصيده 120 هدفاً في 149 مباراة ضد 41 خصماً مختلفاً، بينها 7 ثلاثيات "هاتريك".
أحرز ميسي لقب دوري الأبطال أربع مرات مع برشلونة في غضون عشر سنوات، لكنه صام عن اللقب في آخر ست سنوات في ظل مطبات متنوعة لإدارة بارتوميو الذي ترك الساحة أمام عودة الرئيس السابق جوان لابورتا.
وبعدما وعد جمهوره بإحراز اللقب القاري في آخر موسمين، قد يقلّص رحيل ميسي الضغوط على فريقه الذي ودّع المسابقة الموسم الماضي من دور الـ16 أمام سان جيرمان.
لكن أسماء جديدة ستحمل الشعلة، يتقدمها الهولندي ممفيس ديباي القادم من ليون الفرنسي، فيما ورث الشاب أنسو فاتي الرقم 10 من ميسي، بعد طلبه موافقة قادة الفريق على حمل هذا العبء المعنوي الثقيل.
وقال المدرب الهولندي رونالد كومان: يمكن لممفيس أن يطبع حقبة جديدة لبرشلونة. يمتلك أسس النجاح هنا: الشخصية والطباع.
وفي ظل الحاجة إلى دماء جديدة، عجّل كومان بالاعتماد على أمثال اليافع بيدري، أحد النجوم الجدد في خط وسط منتخب إسبانيا، الهولندي فرنكي دي يونغ، الأميركي سيرجينيو ديست والمدافع الأوروغوياني رونالد أراوخو.
ومنذ الصافرة الأخيرة في مباراة برشلونة، رحل 20 لاعباً عن الفريق، فبالإضافة إلى المدرّب كيكي سيتيين، ترك الفريق خمسة أفراد شاركوا في مباراة بايرن، لكن معظم سهام بيكيه توجهت إلى إدارة عاد إلى قيادتها لابورتا الذي عيّن ماتيو أليماني مديراً جديدا للكرة.
لكن تركيز لابورتا في الأشهر الستة الأولى انصب على إنقاذ سفينة النادي من الغرق، في ظل الأزمة المالية والديون الخانقة، إذأ علن الشهر الماضي أن ديونه وصلت إلى 1.35 مليار يورو، فيما بلغت رواتب اللاعبين 103% من الدخل، وقد تقلّصت الآن إلى 80% بعد إغلاق فترة الانتقالات الصيفية. كانت الأولوية للتوفير وليس التطوير.
وفي ظل التغييرات الإدارية، يبدو أن الفريق يعمل لتحسين هيكليته من أجل المستقبل، ويستبعد منافسة كبار القارة العجوز فنياً راهناً. صحيح أن برشلونة قد يستمر في تراجعه فنياً على الصعيدين المحلي والقاري، لكن ترتيب البيت الداخلي يترك بارقة أمل للمستقبل.