معلومات وقرائن جديدة وصلت أمس الأربعاء إلى المحكمة العليا بلندن، قد تعيد محاكمة الأكاديمي الليبي صالح ابراهيم المبروك، الموصوف بأنه أحد المساعدين السابقين للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، ومطالبة ليبيا بتسليمه فيما لو تمت إدانته بما سبق ونفاه عن مسؤوليته بإطلاق الرصاص من السفارة الليبية على معارضين ليبيين قاموا في 17 إبريل 1984 بمظاهرة أمام مقرها في لندن، إلا أن إحدى الرصاصات التي تسببت بجرح 10 متظاهرين، أصابت شرطية بريطانية كانت تشرف مع زملاء آخرين على سير المظاهرة، وقتلتها.
القرائن والمعلومات الجديدة، جمعها زميل للشرطية Yvonne Fletcher القتيلة بعمر 25 سنة، وكان معها في الخدمة أثناء المظاهرة، واحتضنها لحظة إصابتها، بحسب ما نراه في فيديو تعرضه "العربية.نت" أدناه، ثم أقسم حين لفظت أمامه آخر أنفاسها، أنه سيجهد لتسليم المسؤول عن مقتلها للقضاء، لذلك يأمل الضابط المتقاعد John Murray البالغ 66 حاليا، بأن يشكل ما جمعه من معلومات "أدلة كاملة" تحيط بمقتلها المستمر لغزا للآن.
وكان المبروك أفلت من الملاحقة الجنائية، بعد أن اعتقلته الشرطة في 2015 واحتجزته طوال عامين، ثم أفرجت عنه بأمر من القضاء الذي ذكر أن "بإمكان المحققين تحديد هوية المسؤولين، لكن لا يمكن توجيه التهم إليهم، لأن الأدلة الحاسمة تظل سرية لحماية الأمن القومي" في إشارة ربما إلى أن المبروك كان "عميلا" مزدوجا لليبيا وبريطانيا معا، وفقا لما يمكن استنتاجه مما ورد بوسائل إعلام بريطانية عن الدعوى التي أقامها الضابط المتقاعد موراي، وطلب فيها من المبروك تعويضا رمزيا مقداره جنيه استرليني واحد، لما لحق به من ضرر نفسي تعرض له نتيجة وفاة زميلته، وفق ما ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية اليوم الخميس.
"تلقين البريطانيين درسا"
ومع أن المحامية Phillippa Kaufmann الممثلة للضابط المتقاعد، اعترفت أن المبروك لم يطلق الرصاصة التي قتلت الشرطية، لأن اعتقاله تم بالفعل خارج مبنى السفارة "إلا أن ما تم جمعه من معلومات وأدلة دامغة، يثبت أنه كان مشاركا رئيسيا بمخطط لاستخدام العنف الشديد، إلى درجة إطلاق النار ردا على المتظاهرين" بحسب رأيها المستندة فيه إلى ما رواه طالب هندسة ليبي تمكن من التسلل إلى عناصر موالية للقذافي في المملكة المتحدة.
ومما علمه طالب الهندسة من الموالين، أن المبروك ذكر في أوائل 1984 أن العقيد معمر القذافي أمره "بالاستيلاء على السفارة واستخدام المرافق والأسلحة والمال والسلطة، لتلقين البريطانيين درسا" كما سمع عشية مقتل الشرطية فليتشر "بأنه سيكون هناك إطلاق نار" على الاحتجاج المخطط له خارج السفارة، وأن أحد المتظاهرين المؤيدين للقذافي في الساحة خارج السفارة علم أن مبروك أخبر عناصره "أين يقفون" حتى لا يتم إطلاق النار عليهم "وهذا دليل بأن المبروك كان طرفا وداعما لخطة استخدام العنف في الاحتجاج" وفقا لما استنتجت المحامية.
وبسبب ما حدث للشرطية، حاصرت الشرطة مبنى السفارة طوال 11 يوما، انتهت بترحيل 30 كانوا فيه وقت إطلاق النار، ومن ضمنهم المبروك الموصوف بأنه أحد أشهر الأكاديميين بليبيا، ثم سمحت له في 2009 بالعودة، بعد أن تخلى القذافي عن أسلحة الدمار الشامل الليبية، فاستقر في 2012 بشكل دائم واشترى منزلًا في مدينة "ريدينغ" أقام فيه مع أسرته، إلى أن طلبت منه السلطات في 2018 المغادرة مرة أخرى، فعاد إلى ليبيا وأصبح أكاديميًا بجامعة طرابلس.
"لم أطلب من أحد قتلها"
ومن المعلومات عن الدكتور المبروك، أنه من قبيلة "ورفلة"، وتخرج بالاقتصاد في 1980 من جامعة بنغازي، ثم حصل في 1984 على ماجستير من جامعة Watford University بإنجلترا، وهو العام الذي وقعت فيه أحداث السفارة الليبية بلندن، وبعد عودته إلى ليبيا عمل أستاذا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة الفاتح، بطرابلس، ثم أكمل دراسته وحصل في 1989 على دكتوراه بالاقتصاد من جامعة بلغراد.
وبعد سقوط نظام القذافي طلب المبروك اللجوء في بريطانيا، وهو إثبات منه بأنه لم تكن له علاقة بمقتل الشرطية، وإلا لما طلب اللجوء في دولة قد تلاحقه مستقبلا، وفيها نفى دائما ارتكابه لأي مخالفات، وكان يكرر بحسب ما ألمت به "العربية.نت" من وسائل إعلام بريطانية عدة، بأنه لم يكن حاضرا عند مقتل الشرطية، ولم يطلب من أحد قتلها، ولا شجع أحدا على قتلها "لذلك لا أتحمل المسؤولية عن شيء لم أفعله" كما قال.