بسبب القمح والماشية.. تسببت موسكو بمجاعة قتلت مليونا

قبل العام 1917، كانت الأراضي التي ستشكل مستقبلا جمهورية كازاخستان الاشتراكية السوفيتية جزءاً من الإمبراطورية الروسية المترامية الأطراف. وما بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر، هاجر نحو 1.5 مليون من ذوي الأصول الروسية والأوكرانية للاستقرار بهذه المناطق، التي ضمت نسبة كبيرة من الكازاخ، مشكلين بذلك نسيجا ديموغرافيا وعرقيا مختلطا.

ومطلع ثلاثينيات القرن الماضي، عانت كازاخستان كبقية جمهوريات الاتحاد السوفيتي من ويلات المجاعة التي تسببت بها سياسة الزراعة الجماعية. فتماما كأوكرانيا التي خسرت حوالي 5 ملايين من سكانها في خضم هذه المجاعة، تقلص عدد سكان كازاخستان بشكل لافت للانتباه خلال تلك الفترة التي تميزت أيضا ببداية إحكام ستالين لقبضته على البلاد.

أسباب المجاعة

إلى ذلك، تتراوح أسباب مجاعة كازخستان بين عوامل طبيعية وأخرى بشرية كان وراءها القائد السوفيتي جوزيف ستالين. فما بين عامي 1927 و1928، شهدت المنطقة موجة برد شديدة تسببت في نفوق عدد كبير من الماشية.

وبداية من العام 1928، باشرت السلطات السوفيتية بمصادرة قطعان الماشية المملوكة للكازاخ المصنفين كأثرياء. وتزامنا مع نجاحها في افتكاك نحو 10 آلاف رأس ماشية بفترة وجيزة، صادر المسؤولون السوفييت كميات من قمح الكازاخ واتجهوا لاستخدامها لإطعام سكان كبرى المدن متسببين بذلك في نقص فادح بالمواد الغذائية بكازاخستان التي اعتمدت نسبة كبيرة من سكانها على نمط حياة اقتصر أساسا على الرعي البدوي.

أيضا، أرسى الاتحاد السوفيتي بمناطق كازاخستان عددا من مراكز العمل القسري التي أرسل نحوها الناقدون والمعارضون للنظام الستاليني. وقد قدر عدد المنفيين ونزلاء هذه المراكز بحوالي 200 ألف شخص اتجهت موسكو لإطعامهم اعتمادا على جزء من كميات الغذاء المصادرة من عند الكازاخ.

ومع بداية تفشي المجاعة بالبلاد وارتفاع أعداد الوفيات، تحركت السلطات السوفيتية عن طريق إرسال بعض المساعدات الغذائية للمناطق الأكثر تضررا. وفي الأثناء، وزعت هذه المساعدات بشكل عادل حيث أقصيت نسبة كبيرة من الأهالي من نظام المساعدات عقب تصنيفهم كعناصر غير منتجة.

مليون ضحية

أسفرت مجاعة كازاخستان ما بين عامي 1930 و1933 عن وفاة ما يزيد عن مليون من الكازاخ تزامنا مع مصادرة ونفوق حوالي 80 بالمائة من أعداد رؤوس الماشية بالبلاد. من ناحية أخرى، اتجه أكثر من نصف مليون من الكازاخ لمغادرة بلادهم للاستقرار بدول أخرى، كالصين وأفغانستان وإيران وأوزباكستان، هربا من ويلات المجاعة. وعلى حسب مصادر تلك الفترة، قدّر عدد الكازاخ بكازاخستان عام 1927 بنحو 3.6 مليون نسمة.

وخلال إحصاء آخر أجري عام 1937، تراجع هذا العدد بشكل لافت للانتباه ليستقر في حدود 2.1 مليون نسمة. أيضا، شهدت أعداد سكان كازاخستان المنتمين لعرقيات أخرى، كالروس والأوكرانيين، انخفاضا ملحوظا حيث تراجع عددهم بشكل لافت للانتباه عقب المجاعة.

خلال السنوات التالية، نسبت مجاعة كازاخستان، التي لجأ أثناءها البعض للتغذي على لحم جثث الموتى، للسكرتير الأول للحزب الشيوعي بكازاخستان فيليب غولوشكيوكين (Filipp Goloshchyokin). وبسبب ذلك، سميت هذه المجاعة بمجاعة غولوشكيوكين.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: