صيف عام 1965، اتخذت الحرب بفيتنام منحى جديدا اتسم بتراجع الدعم الشعبي بين الأميركيين لمشاركة قوات بلادهم بهذا النزاع. فخلال تلك الفترة، اقترع مستشارو الرئيس الأميركي ليندون جونسون (Lyndon B. Johnson) لإرسال مئات الآلاف من الجنود نحو فيتنام على مدار الخمس سنوات التالية لضمان النصر بهذه الحرب.
وبسبب ذلك، عرف تعداد الجيش الأميركي ارتفاعا لافتا للانتباه. فيوم 28 تموز/يوليو 1965، أمر الرئيس جونسون بمضاعفة عدد المجندين الجدد بالجيش ليبلغ حوالي 35 ألف عنصر شهريا.
أغنية "عشية الدمار"
مع تزايد عدد الشباب المجنّدين، شهدت الولايات المتحدة الأميركية حملة طالبت بضرورة تخفيض سن الانتخاب من 21 عاما لـ18 عاما.
وقد لقيت هذه الحملة رواجا كبيرا بين الشباب ووجدت ضالتها في أغنية عشية الدمار (Eve of Destruction) للمؤلف والمغني الأميركي باري ماغواير (Barry McGuire) حيث اعتمد الأخير بأغنيته جملة "أنت كبير بما يكفي لتقتل ولست كبيرا بما يكفي لتنتخب" التي سرعان ما تحولت لشعار للحملة المطالبة بمنح حق الانتخاب لكل من يبلغ سن الثامنة عشرة.
من جهة ثانية، حمل معارضو الحرب بفيتنام شعارات مماثلة ونظموا وقفات احتجاجية بالعديد من المدن الأميركية وطالبوا المسؤولين بضرورة منح حق الانتخاب للمجندين الشباب الذين بلغوا الثامنة عشرة والسماح لهم بالتعبير عن رأيهم.
ففي عام 1965، جنّد الأميركيون حوالي 130 ألف شخص وبالعام التالي ارتفع هذا العدد بشكل لافت للانتباه ليقارب 350 ألفا كانت نسبة كبيرة منهم من الشباب الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و20 عاما وحرموا من حق الانتخاب.
الحرب العالمية الثانية
وعرفت الحملة للتخفيض في سن الانتخاب ظهورها منذ الحرب العالمية الثانية، حيث عبّر كثيرون عن سخطهم من موت الشباب الأميركي دون الواحدة والعشرين على جبهات القتال بالمحيط الهادئ وأوروبا دون أن يعرفوا معنى الديمقراطية والانتخاب.
وأمام هذا الوضع، اقترح العضو بالكونغرس عن ولاية فرجينيا الغربية جينينغر راندولف (Jennings Randolph) تمرير تعديل دستوري يمنح حق الانتخاب لكل من يبلغ الثامنة عشرة.
وأثناء خطاب ألقاه عام 1954، حثّ الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور (Dwight D. Eisenhower) المشرعين الأميركيين على إقرار قانون يعيد الاعتبار للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 سنة عن طريق منحهم حق الانتخاب حيث أثنى أيزنهاور حينها على تضحيات هذه الفئة العمرية من الشباب خلال الحرب العالمية الثانية مؤكدا على دورهم في حماية الولايات المتحدة الأميركية ومصالحها.
تكاثف الجهود
وقد استغرق الأمر أكثر من عقد وعشرات آلاف الضحايا لبلوغ هذا الهدف. فمع توافد أعداد كبيرة من هذه الفئة العمرية من الشباب على ساحات القتال بفيتنام، اقترح العضو بالكونغرس بنجامين روزنتال (Benjamin S. Rosenthal) خلال شهر أيار/مايو 1965 تخفيض سن الانتخاب فلقي تأييدا من نائب الرئيس هوبرت هومفري (Hubert Humphrey).
وعام 1968، دخل الرئيس جونسون على الخط فطالب الكونغرس بالبحث في الأمر وإقرار تعديل دستوري معتبرا تخفيض سن الانتخاب واجبا وطنيا تجاه الشباب الأميركي.
وخلال شهادة تقدّم بها السيناتور إدوارد كينيدي عام 1970 أمام مجلس الشيوخ، تحدّث الأخير عن امتلاك الشباب الأميركي لدرجة كبيرة من الوعي و التعليم، كما أكد أن ثلث القوات الموجودة بفيتنام دون الواحدة والعشرين من العمر ومحرومون من حق الانتخاب.
وخلال شهر نيسان/أبريل من نفس السنة، أعلن الرئيس ريتشارد نيكسون عن تأييده لفكرة تخفيض سن الانتخاب عن طريق تعديل دستوري.
التعديل السادس والعشرون
خلال شهر حزيران/يونيو 1970، وقّع الرئيس نيكسون على قانون الانتخاب لعام 1970 فخفّض سن الانتخاب للثامنة عشر. من جهة ثانية، رفضت المحكمة العليا هذا الأمر واعتبرته غير قانوني مطالبة بإقرار تعديل دستوري لجعله قانونيا فانطلق خلال شهر آذار/مارس 1971 سباق مع الوقت لإقرار التعديل الدستوري السادس والعشرين الذي منح كل أميركي عمره 18 سنة أو أكثر حق الانتخاب.
وبمجلس الشيوخ الأميركي مرر التعديل السادس والعشرون بـ94 صوتا مقابل صفر أما بمجلس النواب فقد وافق 401 نائب عليه ورفضه 19 آخرون.
وما بين اقتراحه والمصادقة عليه ما بين شهر آذار/مارس وتموز/يوليو 1971، استغرق إقرار التعديل الدستوري السادس والعشرين 100 يوم فقط فكان بذلك أسرع تعديل دستوري بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية.