خلال العام 1945، اتجهت القوى العالمية لإنشاء منظمة جديدة لخلافة عصبة الأمم التي أثبتت فشلها في الحفاظ على السلم العالمي طيلة الفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية الأولى. وخلال شهر نيسان/أبريل 1945، اجتمع ممثلو 50 دولة بسان فرانسيسكو لصياغة ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتمد خلال شهر حزيران/يونيو ودخل حيز التنفيذ بشهر تشرين الأول/أكتوبر من نفس العام.
ومنذ البداية، واجهت الأمم المتحدة العديد من الصعاب بسبب الخلافات السوفيتية الأميركية التي برزت للعالم تزامنا مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية. وطيلة فترة الحرب الباردة، كانت اجتماعات الأمم المتحدة مسرحا للعديد من الأزمات الأميركية السوفيتية التي جاءت أبرزها أثناء فترة الحرب الكورية.
خلاف حول الأعضاء
على الرغم من التردد الواضح الذي أبداه جوزيف ستالين حول إنشائها، شارك الاتحاد السوفيتي في وضع أسس منظمة الأمم المتحدة خلال مؤتمري طهرن ودومبارتون أوكس (Dumbarton Oaks). وأملا في ضمان مكانته بالعالم، أصر الاتحاد السوفيتي على ضرورة منح حق الفيتو داخل مجلس الأمن للدول المنتصرة بالحرب العالمية الثانية وأن تمرر القرارات الدولية بموافقة جميع الأعضاء الخمسة.
وبادئ الأمر، حصلت الدول الغربية على أغلبية بمنظمة الأمم المتحدة. لكن مع نهاية الفترة الاستعمارية، التحقت العديد من الدول المستقلة حديثا بصف الاتحاد السوفيتي ليظهر بذلك نوع من التوازن داخل المنظمة العالمية.
من ناحية أخرى، رفضت موسكو بشدة التحاق كل من الهند والفلبين بمنظمة الأمم المتحدة واصفة إياهما بالمستعمرات والمقاطعات البريطانية والأميركية. فضلا عن ذلك، طالب السوفيت بضم جميع الدول، البالغ عددها 15، المكونة للاتحاد السوفيتي للأمم المتحدة.
وكرد على ذلك، تحّدث الأميركيون عن إمكانية ضم الولايات الأميركية، البالغ عددها 48 ولاية حينها، للمنظمة العالمية في حال تلبية المطلب السوفيتي.
وعقب مفاوضات بين الغرب والسوفييت، تم التوصل، خلال مؤتمر يالطا، لاتفاقية التحقت من خلالها كل من أوكرانيا وبيلاروسيا بالأمم المتحدة.
قرار سيئ
خلال العام 1950، ظهرت أزمة جديدة هددت مستقبل الأمم المتحدة. فمع إعلان ماو تسي تونغ قيام جمهورية الصين الشعبية على أراضي الصين القارية، لم يتردد الاتحاد السوفيتي لحظة واحدة في الاعتراف بالسلطة الجديدة ببكين.
يوم 13 يناير/ 1950، لم يتردد ممثل الاتحاد السوفيتي بمجلس الأمن ياكوف ماليك (Yakov Malik) في مغادرة القاعدة معلنا مقاطعته لاجتماع مجلس الأمن احتجاجا على رفض طلبه بطرد ممثلي القوميين الصينيين، المتواجدين بتايوان، الذين حصلوا على مقعد الصين بالمجلس.
وقبل ذلك بأيام، كان ماليك قد قاطع اجتماعا لمجلس الأمن ووعد بمواصلة اعتماد هذه السياسة احتجاجا على رفض بقية الأعضاء لمقترح حصول الشيوعيين الصينيين، بقيادة ماو تسي تونغ، على مقعد الصين بالأمم المتحدة.
ومن خلال تصريحاته، اتهم ياكوف ماليك الأميركيين بالترويج للفوضى بالعالم لرفضهم طرد القوميين الصينيين من الأمم المتحدة.
أواخر شهر حزيران/يونيو 1950، تسبب غياب ياكوف في صدور قرار أغضب موسكو. فيوم 27 حزيران/يونيو، ناقش مجلس الأمن الوضع بشبه الجزيرة الكورية. ومع غياب الاتحاد السوفيتي وعدم استخدامه لحق النقض، مرر المجتمعون قرارا سمح بتدخل عسكري أممي، تقوده الولايات المتحدة الأميركية، لطرد جيوش كوريا الشمالية من أراضي جارتها الجنوبية.