بسبب هذه الأمراض مات جرحى الحرب الأهلية الأميركية

ما بين عامي 1861 و1865، غاصت الولايات المتحدة الأميركية في أهوال الحرب الأهلية التي استمرت لأكثر من 4 سنوات وانتهت بهزيمة الكونفدراليين وانتصار قوات الاتحاد ليحافظ بذلك الأميركيون على وحدتهم. إلى ذلك، دفع الأميركيون ثمنا باهظا مقابل هذه الوحدة التي ترافقت مع إجهاض العبودية بشكل رسمي. فطيلة سنوات الاقتتال، أسفرت الحرب الأهلية الأميركية عن سقوط ما يزيد عن 650 ألف قتيل ودمّرت جانبا هاما من مرافق الولايات الجنوبية.

من ناحية أخرى، أسفرت هذه الحرب عن سقوط أعداد كبيرة من الجرحى الذين اضطروا لتحمّل الإمكانيات الطبية المحدودة لنلك الفترة والأمراض التي أودت بحياة كثير منهم.

عمليات بتر الأطراف

وفي الأثناء، مثّلت عمليات بتر الأطراف أبرز تدخل طبي قام به الأطباء الأميركيون خلال فترة الحرب الأهلية. فتزامنا مع تعرض الجنود لإصابات مباشرة بالرصاص، كان من العادي جدا أن يلجأ الطبيب لبتر ذراع أو رجل المصاب. إلى ذلك، لم تستثن عمليات بتر الأطراف كبار المسؤولين والعسكريين بكلا الجيشين الاتحادي والكونفدرالي. فمن الجانب الكونفدرالي الجنوبي، خضع كل من الجنرالين جون بيل هود (John Bell Hood) وتوماس جوناثان جاكسون (Thomas Jonathan Jackson)، الذي توفي عام 1963 وهو في 39 من العمر، لمثل هذه العمليات. ومن الجانب الشمالي الاتحادي، فقد الجنرال أوليفر أوتيس هاورد (Oliver Otis Howard) ذراعه اليمنى بسبب مثل هذه العمليات الجراحية.

بجيش الاتحاد، أحصت الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 30 ألف عملية بتر للأطراف. وخلال فترة سبقت ظهور نظرية جرثومية المرض والقواعد الصحية للطبيب جوزيف ليستر (Joseph Lister)، أجرى الأطباء مثل هذه العمليات الدقيقة بشكل فظيع حيث فضّل أغلبهم عدم غسل أيديهم بين العملية والأخرى كما ارتدوا ثيابا ملطخة بالدماء واستخدموا ضمادات وإسفنجات مستعملة ومليئة بالدماء لمسح وتنظيف الجروح بالمياه التي كانت بدورها ملوّثة بالدماء.

معاناة المرضى وغياب الخبرة الطبية

من ناحية ثانية، افتقر الأطباء بكلا الجيشين للخبرة الكافية لإجراء مثل هذه العمليات الدقيقة. فبالشمال، امتلك الاتحاديون 11 ألف طبيب أجرى منهم 500 طبيب فقط عمليات جراحية في حياتهم. وبالجنوب، امتلك الكونفدراليون 3 آلاف طبيب حظي 27 منهم فقط بخبرة في مجال الجراحة والطب.
وبسبب غياب الخبرة الطبية وأبسط وسائل التعقيم، سجّلت أربعة أمراض أساسية ظهورها بين المصابين حيث مثّل الكزاز وتقيح الدم والغرغرينا والحمرة أهم الأمراض التي قتلت جرحى الحرب الأهلية الأميركية. وبالنسبة لمرض الكزاز، الذي يؤثر على الجهاز العصبي، أحصى الاتحاديون 509 حالة في صفوفهم. وبناء على تقارير تلك الفترة، فارق 89 بالمائة من هؤلاء المصابين بالكزاز الحياة بسبب تبعات المرض. وأملا في مساعدة مرضى الكزاز، قدّم الأطباء لهم أدوية غنية بالمورفين لتخفيف معاناتهم وآلامهم.

وبالنسبة للغرغرينا والحمرة، بلغت نسبة الوفيات في صفوف المصابين نحو 49 بالمائة بينما ارتفعت لتبلغ حوالي 90 بالمائة للمرضى المصابين بتقيح الدم.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: