قبل نحو أسبوع من بداية الحرب العالمية الثانية، لم يتردد الاتحاد السوفيتي في الموافقة على معاهدة مولوتوف ريبنتروب التي أبرمت بشكل رسمي يوم 22 آب/أغسطس 1939. وبموجب هذه المعاهدة التي مثلت اتفاقية عدم اعتداء بين الطرفين، تعهدت كل من ألمانيا والاتحاد السوفيتي بالحفاظ على حالة الحياد في حال تعرض أحدهما لهجوم من طرف ثالث كما تضمنت الاتفاقية أيضا بنودا نصّت على اقتسام بولندا بين الألمان والسوفيت ووافق من خلالها القائد السوفيتي جوزيف ستالين على تزويد الألمان بالمواد الأولية لتمويل آلة الحرب الألمانية.
ومع حصوله على اتفاقية حمت حدوده الغربية، اتجه الاتحاد السوفيتي للبحث عن اتفاقية أخرى لحماية حدوده بالشرق الأقصى. وخلال شهر نيسان/أبريل 1941، توصّل السوفيت لمفاهمة مع اليابانيين لتجنب اندلاع نزاع مسلح بين الطرفين.
مخاوف الطرفين
مع سقوط فرنسا وتوسع دور المحور بأوروبا، اتجه السوفيت لتأمين حدودهم بأقصى الشرق لتجنب اندلاع حرب على جبهتين في حال قيام الألمان بتحرك عسكري ضدهم. وبموجب ذلك، فضّل الاتحاد السوفيتي التركيز على الساحة الأوروبية والابتعاد عن المواجهة مع اليابان التي ربطها تحالف عسكري مع ألمانيا.
من ناحية ثانية، تخوّف اليابان من إمكانية قيام حرب ضد الاتحاد السوفيتي في خضم أزمة خانقة عاش على وقعها عام 1941. فمنذ العام 1937، اتجه اليابان لخوض غمار حرب توسعية ضد الصينيين ضمن الحرب اليابانية الصينية الثانية كما عانى خلال الفترة نفسها من تدهور علاقاته الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأميركية مما أنذر بإمكانية قيام حرب بين الطرفين. أيضا، تخوّف اليابانيون من فرضية خسارتهم لإقليم منشوريا، الذي انتزعوه من الصينيين عام 1931، لصالح السوفيت في حال تقدم الجيش الأحمر السوفيتي بالصين.
انهيار الاتفاقية
بموسكو يوم 13 نيسان/أبريل 1941، وقّع من الجانب الياباني وزير الخارجية يوسوكي ماتسوكا (Yosuke Matsuoka) والسفير تاتيكاوا يوشيتسوجو (Yoshitsugu Tatekawa) ومن الجانب السوفيتي وزير الخارجية فياشيسلاف مولوتوف (Vyacheslav Molotov) اتفاقية الحياد السوفيتية اليابانية للحفاظ على حالة السلم بين البلدين.
وخلال نفس اليوم، وقّع الطرفان اتفاقية ثانية تعهّد من خلالها السوفيت باحترام سيادة جمهورية مانشوكو، العميلة لليابان، بإقليم منشوريا بينما تعهّد اليابانيون باحترام سيادة منغوليا.
عقب بداية الغزو الألماني للأراضي السوفيتية، سمحت هذه الاتفاقية للسوفيت بنقل جانب هام من قواتهم المتمركزة بسيبيريا وأقصى الشرق لمقارعة الجيوش الألمانية. فعلى الرغم من سعيهم مرات عديدة لشجب الاتفاقية، فضّل اليابانيون التخلي عن مثل هذه الأفكار بسبب انشغالهم بجبهة المحيط الهادئ ضد الأميركيين ونجاح السوفيت في دحر الألمان بمعركتي موسكو وستالينغراد.
عقب مؤتمر يالطا عام 1945، وافق ستالين بشكل سري على التدخل عسكريا ضد اليابان فعمد لشجب هذه الاتفاقية وانسحب منها قبل أن يأمر قواته بالتدخل بمنشوريا يوم 9 آب/أغسطس 1945.