على مدار تاريخها، شهدت روسيا ظهور العديد من الضرائب الغريبة. فإضافة لضريبتي اللحية والحمامات خلال عهد بطرس الأكبر وضريبة القتل التي ظهرت أواخر القرن التاسع وضريبة الترفيه عقب الثورة البلشفية، عمد ستالين مطلع الأربعينيات لفرض ضريبة عدم الإنجاب للتحكم في نسبة الولادات بالاتحاد السوفيتي.
وقد استمر العمل بهذه الضريبة المرتفعة لعقود قبل أن تندثر تدريجيا تزامنا مع انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع تسعينيات القرن الماضي.
ضريبة عدم الإنجاب
يوم 22 يونيو 1941، أطلق الألمان العنان لعملية بربروسا (Barbarossa) لتبدأ بذلك جيوشهم باجتياح الأراضي السوفيتية. ومنذ البداية، أبدى الجيش الأحمر تقهقرا واضحا حيث نجح الألمان خلال الأسابيع الأولى في أسر مئات الآلاف من الجنود السوفيت ودمّروا جانبا هاما من العتاد العسكري السوفيتي.
وبعد مضي بضعة أشهر فقط، توسّع الجيش الألماني بالأراضي السوفيتية وضرب الحصار على لينينغراد وتمركز على بعد مئات الكيلومترات من العاصمة موسكو.
وفي خضم هذه الأحداث التي هددت وجود بلاده، أصدر القائد السوفيتي جوزيف ستالين خلال شهر أكتوبر 1941 قرارا أمر بموجبه بفرض ضريبة جديدة عرفت بضريبة عدم الإنجاب. وبموجب هذه الضريبة، أجبر جميع الرجال الذين بلغوا سن الإنجاب وتراوحت أعمارهم بين 20 و50 سنة والنساء المتزوجات، القادرات على الإنجاب، اللوات تراوحت أعمارهن بين 20 و45 سنة على دفع مبالغ مالية، اقتطعت من رواتبهم ومدخراتهم، في حال عدم امتلاكهم لأبناء.
من ناحية ثانية، استثني من دفع هذه الضريبة أولئك الذين تواجدوا على جبهات القتال ولم يكن لهم أبناء والعائلات التي فقدت أبناءها في خضم المعارك ضد الألمان.
ارتفاع عدد سكان الاتحاد السوفيتي
عام 1944، بلغت قيمة ضريبة عدم الإنجاب 6 بالمائة من الراتب السنوي لأولئك الذين لم يمتلكوا أي أبناء بينما أجبرت العائلات التي امتلكت طفلا واحدا على تقديم مبلغ 1 بالمائة من راتبها السنوي للدولة. وبينما نجح الطلاب والأشخاص الذين لم تتجاوز مداخيلهم الشهرية 70 روبل في التخلص من هذه الضريبة، تمكّن العديد من الرجال السوفيت الذين تراوحت أعمارهم بين 20 و50 سنة من الإفلات من الضريبة التي فرضها ستالين عن طريق الحصول على وثائق، مزورة في الغالب، أثبتت عدم قدرتهم على الإنجاب.
من ناحية أخرى، عانت العائلات التي امتلكت أطفالا من هذه الضريبة. فخلال السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، أجبرت العائلات التي امتلكت طفلا واحدا على دفع 1 بالمائة من راتبها الشهري للدولة على شكل ضرائب بينما أجبرت العائلات التي امتلكت طفلين على دفع 0.5 بالمائة من راتبها الشهري.
إلى ذلك، ساهمت ضريبة عدم الإنجاب في ارتفاع سكان الاتحاد السوفيتي. فمع بداية تطبيق هذه السياسة الجديدة، قدّر عدد سكان الاتحاد السوفيتي بنحو 168 مليون ساكن. وبحلول العام 1989، ارتفع هذا العدد بشكل ملحوظ ليبلغ 286 مليون ساكن.