سارع سيّاح أوروبيين فور وصولهم إلى فندق في جزيرة جربة مباشرة إلى المسبح للاستلقاء والتمتع بأشعة الشمس، مع إعادة تونس إطلاق موسمها السياحي وسط تدابير مشددة للوقاية من فيروس كورونا المستجد.
وبعد توقف دام أكثر من ثلاثة أشهر بسبب تفشي الوباء، حطت مساء السبت أوّل رحلة سياحية مستأجرة في مطار جربة (شرق) وعلى متنها 155 سائحا أوروبيا قدموا من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ. ومن المتوقع أن يتواصل قدوم هذه الرحلات أسبوعيا.
ونجحت تونس في احتواء الوباء إلى حد بعيد، إذ عوّلت على ذلك لإنقاذ موسمها السياحي. وقبل الوباء، كان من المتوقع أن تواصل تونس هذا العام تحقيق تطوّر في السياحة.
ويقول الفرنسي الأربعيني إيمانويل لومبار الذي قدم على متن الرحلة التي انطلقت من لوكسمبورغ مع زوجته وأطفاله الثلاثة "قرّرت منذ ثمانية أيّام القيام بالرحلة… من أجل حمام الشمس"، مؤكدا "يجب أن نتعايش مع كوفيد-19".
وأعرب عن ثقته بمنظم الرحلة الذي نصحه بتونس كوجهة، مضيفا "نحن نطبق تعليمات التعقيم ووضع الكمامات وغسل اليدين باستمرار".
شروط فتح الحدود
ووضعت وزارة السياحة التونسية قبل اتخاذ قرار فتح الحدود، بروتوكولا صحيا دقيقا ليُعتمد في الفنادق والمنشآت السياحية وأقرت تخفيض الطاقة الاستيعابية في هذه الأماكن الى النصف.
وقال وزير السياحة محمد علي التومي الذي كان في استقبال الرحلة وحيّا الواصلين بالمرفق لفرانس برس، إن قرار استقبال السياح "تحد، يجب أن نكون حذرين خصوصا في ما يتعلق بتطور الوضع الوبائي وأن نحرص على التطبيق الصارم للبروتوكول الصحيّ".
وتم تعقيم حقائب الركاب فور نزولهم من الطائرة مباشرة وفحص درجات حرارتهم ويطلب منهم وضع الكمامات قبل أن يتوجهوا إلى الفنادق حيث استُقبلوا بباقات صغيرة من زهر الياسمين أو ما يسميه التونسيون "المشموم".
وفور دخولهم إلى الفندق، يوزّع العاملون عليهم الكمامات التي ترافقهم حيثما تحركوا.
وتنتشر في أماكن مختلفة من الفندق قوارير السائل المعقّم كما يحرص طاقم الخدمات على وضع الطاولات متباعدة بنحو مترين عن بعضها بعضا.
ويقول مدير الفندق عاطف دنقير "من الصعب تطبيق التباعد بين الأشخاص بالقرب من المسبح، ولكن نحرص على ذلك من خلال لوحات علقناها في المكان".
ويقول السائح الفرنسي المتقاعد باتريك الذي قرّر القدوم إلى تونس بعدما تابع الأخبار المتعلقة بالوضع الصحي فيها وشاهد تقارير تلفزيونية عنها، "نجحت في الوصول الى تونس وأنا سعيد".
ويضيف وقد وضع كمامة وقدم من أجل قضاء عشرة أيام تحت أشعة الشمس برفقة ابنه "كان من الصعب علينا عدم القدوم".
وفرضت البلاد حجرا صحيا عاما وأغلقت حدودها البحرية والجوية والبرية منذ نهاية آذار/مارس وفتحتها في 27 حزيران/يونيو الفائت أمام الرحلات.
وتعد جربة الوجهة السياحية الأولى في البلاد الى جانب مدينة سوسة (شرق) ومنطقة الحمّامات، وتوُصف بأنها "جزيرة الأحلام" لجمال شواطئها وسحر مشهد غروب الشمس فوق البحر. وتتواجد في جربة منشآت سياحية فخمة.
ويشكل الأوروبيون الشريحة الأكبر من السياح الى تونس، وأبرزهم الفرنسيون ثم الألمان والبريطانيون.
وتؤكد تونس أنها سيطرت على الوباء وأصبحت خالية منه، خصوصا في جزيرة جربة. وأُصيب حوالى 1350 شخص بفيروس كورونا المستجد في تونس، بحسب الأرقام الرسمية، توفي 50 منهم.
ونظمت شركة "لوكسير" رحلة السيّاح الأولى إلى البلاد بعدما حصلت على الضوء الأخضر من الاتحاد الأوروبي للقيام بذلك.
إنقاذ الموسم السياحي
ويؤكد المسؤول في الشركة مارك زافرا لفرانس برس أن "تونس تعتمد تدابير صحية مثل تلك الموجودة في أوروبا. لا يوجد سبب قوي" يمنع قدوم السياح.
ويقول إنه منذ فتح التسجيل في الأيام الأولى حُجزت جميع الأماكن على متن الرحلة، مؤكدا "قمنا بتوقيع اتفاقيات مع الفنادق تلزمهم بشروطنا الصحية وهو أمر يطبّق".
ويشدد من جهة أخرى على ضرورة "مساعدة الفنادق" في مواجهة تداعيات الأزمة الصحية على الاقتصاد المحلي والعالمي.
وتراجع الدخل الذي يدرّه قطاع السياحة في تونس بشكل لافت منذ مطلع العام الحالي حتى 10 يوليو/تموز تقريبا بحوالى النصف.
وسُجّل تراجع كبير في عدد الوافدين من الخارج بلغت نسبته 67% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019 الذي شهد فيه القطاع عودة للنهوض من جديد بعد أزمات متواصلة منذ انتفاضة 2011.
وقدّرت السلطات التونسية في وقت سابق الخسائر التي قد تلحق بالسياحة جرّاء الشلل التام الذي أصاب القطاع منذ آذار/مارس الفائت بحدود 6 مليارات دينار (مليارا يورو).
وتتصدر السياحة القطاعات الأكثر تضررا جرّاء تدابير الإغلاق. ويرى خبراء أن بداية التعافي الجديد ستكون بحلول العام 2021، ليتمكن النشاط السياحي الذي يشغّل حوالى نصف مليون شخص ويشكل بين ثمانية و14 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي من النهوض من جديد.
ويقرّ وزير السياحة "لن نستطيع أن ننقذ الموسم، ولكننا نحاول إنقاذ جزء منه من أجل إعادة بناء الثقة مع المهنيين في هذا القطاع وهو الأهم".