من أمام محله لبيع العطارة والأعشاب المصرية في منتجع شرم الشيخ السياحي على البحر الأحمر، جلس موسى النحاس مبتسما وهو يعلم أن اليوم لن يخلو من الزبائن الأجانب، خصوصا مع استئناف الطيران الروسي رحلاته إلى المدينة المصرية بعد انقطاع دام نحو 6 سنوات على أثر اعتداء.
قال النحاس بلهجة صعيدية مصرية لوكالة فرانس برس "الحال الآن أفضل مما كان عليه قبل ثلاثة أو أربعة أشهر بسبب (عودة) الروس"، معتبرا أن "فتح الطيران الروسي أعطى جرأة لبقية الدول لتستأنف رحلاتها إلى شرم" الشيخ.
أوضح النحاس البالغ من العمر 42 عاما ويعمل في شرم الشيخ منذ أكثر من عشرين عاما، أنه مع إغلاق الطيران الروسي وانتشار وباء كوفيد-19 العام الماضي "كنا نقول عن شرم الشيخ إنها أصبحت مدينة أشباح".
وفي آب/أغسطس، هبطت أول طائرة تقل سياحا روسا قادمة من روسيا، في مطار شرم الشيخ بعد حوالي ست سنوات على فرض موسكو حظرا على الرحلات المباشرة إلى مصر بعد اعتداء بالقنبلة استهدف طائرة تشارتر روسية عند إقلاعها من مطار شرم الشيخ وأوقع 224 قتيلا في تشرين الأول/اكتوبر 2015.
يقول عبد القادر عبد الرحمن المرشد السياحي البالغ من العمر 30 عاما، لفرانس برس "قبل أكتوبر/تشرين الأول 2015 كان عدد الطائرات الروسية التي تأتي إلى شرم الشيخ أسبوعيا بين 120 و150 طائرة .. نتمنى أن يعود الوضع إلى ما كان عليه".
في الوقت الحالي تسير روسيا أكثر من عشرين رحلة طيران أسبوعية إلى شرم الشيخ.
أضاف عبد القادر الذي اتكأ على دراجته البخارية الصحراوية ذات الأربع عجلات استعدادا للقيام برحلة سفاري في الصحراء مع مجموعة من السياح المجريين "منذ شهر ونصف الشهر عاد الطيران الروسي مجددا، وبدأت البلد (شرم الشيخ) تتحرك"، موضحا أنه "رجع كثير من الناس إلى أشغالهم وفتحت المطاعم والبازارات مرة أخرى".
افتقدناها كثيرا
في قلب صحراء المدينة الساحلية ذات المناخ الحار، جلس رولاند جاني السائح المجري البالغ من العمر 41 عاما، يحتسي الشاي في خيمة بدوية ويستعد للتزحلق على الرمال مع أفراد مجموعته. وقال لفرانس برس "كانت زيارتي الأخيرة إلى شرم الشيخ منذ عشر سنوات (…) لا أرى اختلافا كبيرا ولطالما أعجبتني".
إلا أن الوجود السياحي الروسي كان مفاجأة لجاني الذي قال "الآن أرى العديد والعديد من الروس أكثر من قبل، لا أعرف لماذا!".
يأمل العاملون في السياحة المصرية والذين يصل عددهم إلى مليوني شخص، أن يسهم استئناف الطيران الروسي إلى المنتجعات الساحلية المصرية المطلة على البحر الأحمر، في تعافي القطاع الذي كان قد بدأ الازدهار في 2019 قبل أن تضرب أزمة كورونا العالم في العام اللاحق وتوقف السفر.
وحسب الأرقام الرسمية، حققت مصر عائدات سياحية قدرها 13 مليار دولار في 2019، غير أن هذا الرقم انخفض إلى أربعة مليارات في 2020 بسبب الوباء بعدما كانت الحكومة تتوقع جني 16 مليار دولار.
وظهرت علامات عودة الروس إلى شرم الشيخ على أحد المراسي البحرية حين اصطف مئات السياح للصعود إلى اليخوت والمراكب من اجل القيام برحلة بحرية يستطيعون خلالها الغوص والسباحة ومشاهدة الشعاب المرجانية.
على ظهر أحد اليخوت، وقف السائح الروسي اليكسي فولنياغو (35 عاما) وهو يشير إلى البحر. وقال لفرانس برس باللغة الروسية "لم نذهب إلى شرم (الشيخ) منذ خمس سنوات… افتقدناها كثيرا".
وأضاف فولنياغو "ليس لدينا مثل هذا البحر في روسيا.. إنه رائع هنا"، معبرا عن أمله في زيادة عدد الرحلات الجوية بين البلدين.
صناديق فاكهة
شهد أحد المحال التجارية الكبيرة في شرم الشيخ بأرفف التذكارات السياحية المعروضة لديه وصناديق فاكهة المانغو المصرية، تزاحما من قبل السياح خصوصا وأن "الأسعار عادية .. والناس طيبون"، على ما قال اليكسي أحد السائحين الروس المتسوقين.
وأضاف "أتمنى ألا يحدث هذا (الاغلاق) مجددا وأن تبقى جميع المنتجعات مفتوحة ويستطيع الناس السفر".
ويمثل قطاع السياحة أكثر من 10% من الناتج المحلي الاجمالي في مصر، البلد العربي الذي يضم أكبر عدد من السكان يفوق 100 مليون نسمة.
لكن مع عودة الروس وغيرهم من السياح الأجانب، ينتظر النحاس وأصحاب الأنشطة التجارية والسياحية في شرم الشيخ "موسما واحدا فقط من أربعة أشهر مثل مواسم أعوام 2009 و2010"، لتعويض الخسائر.
ويوضح النحاس علاقة الروس بشرم الشيخ ويقول "الشمس (..) وتعامل الناس معهم"، مشيرا إلى مدى حرص السائح الروسي على شراء العطارة من المدينة وخصوصا الحارة منها مثل الكركديه والحبق.
قال "هناك طبيب روسي صديقي، عرفته منذ 11 عاما أطلقنا عليه اليكس الشرماوي لأنه كان معتادا قبل اغلاق الطيران أن يأتي كل 6 أشهر وأحيانا أقل .. بمجرد فتح الطيران عاد".