قبل حادثة إعدام تيموثي إيفنز (Timothy Evans)، بالخطأ، التي أثارت غضب البريطانيين بالخمسينيات، شهد النظام القضائي البريطاني واحدة من أسوأ فتراته عام 1882. فخلال ذلك العام، لم يتردد القضاء في توجيه أصابع الاتهام لرجل بريء حمل اسم مولرا سيويج (Maolra Seoighe). وعقب اتهامه بتنفيذ مذبحة، أعدم هذا الرجل شنقا قبل أن تثبت فيما بعد براءته عقب مراجعة سجلات محاكمته.
جريمة وحكم بالإعدام
وتعود أطوار هذه الواقعة لمنتصف العام 1882. فخلال تلك الفترة، شهدت منطقة مومتراسنا (Maumtrasna)، الواقعة جنوب مقاطعة مايو (County Mayo) الأيرلندية، جريمة قتل راح ضحيتها عائلة بأكملها تكونت من السيد جون جويس (John Joyce) وأمه وزوجته وابنيه.
وأثناء بحثهم عن المتهمين، ألقى رجال الشرطة البريطانية القبض على 8 أشخاص وجهت لهم تهمة القتل العمد. وضمن هؤلاء المعتقلين تواجد الرجل الأيرلندي مولرا سيويج الذي لم يكن لديه أية علاقة بالحادثة خاصة عقب حديث المحققين عن ارتباط جريمة القتل هذه بعمليات سرقة الأغنام وأزمة الاضطراب الزراعي التي عاشت على وقعها أرياف أيرلندا منذ العام 1879.
وعقب محاكمة وجيزة تميّزت بغياب الحجج والقرائن الواضحة ضد المتهمين، أصدرت المحكمة حكما بالإعدام على ثلاثة متهمين، من المتهمين الثمانية، كان من ضمنهم مولرا سيويج الذي مثّل العائل الوحيد لعائلة تكونت من زوجته وخمسة أطفال.
براءة بعد 136 عاما من الإعدام
إلى ذلك، هزّت مسألة صدور حكم الإعدام بحق مولرا سيويج الرأي العام. فأثناء المحاكمة التي جرت بحضور مسؤول من كلية الثالوث بدبلن، اعتمد القضاة وبقية الحاضرين بقاعة المحكمة على اللغة الإنجليزية لتوجيه لائحة الاتهام ضد مولرا سيويج وإدانته. وفي الأثناء، عجز الأخير عن فهم ما يحصل حوله حيث لم يكن مولرا سيويج يفهم الإنجليزية وأتقن فقط اللغة الأيرلندية التي مثلت لغة كلتية يتم التحدث بها في أيرلندا. فضلا عن ذلك، لم توفر المحكمة للأخير مترجما لشرح أطوار المحاكمة له.
مع صدور حكم الإعدام، تكلم مولرا سيويج بالأيرلندية محاولا الاعتراض ومؤكدا على براءته. وبعد حوار بين القضاة بالقاعة، تمّ تأكيد حكم الإعدام بحقه. وفي خضم هذه الأحداث، تحدّث اثنان من المتهمين اللذان اعترفا بالمشاركة بالجريمة عن براءة مولرا سيويج، مؤكدين على عدم علاقة الأخير بجريمة القتل.
فيما رفضت المحكمة الإنصات لهذه الأقوال وتجاهلتها ليساق بذلك مولرا سيويج نحو حبل المشنة. وبمنطقة غالواي (Galway)، تكفّل الجلاد وليام ماروود (William Marwood) بتنفيذ حكم الإعدام شنقا بحق مولرا سيويج.
وبعد مضي 136 عاما وعقب مراجعة سجل هذه القضية، أصدر رئيس جمهورية أيرلندا مايكل دانييل هيجينز (Michael Daniel Higgins) عام 2018 عفوا عن مولرا سيويج مبرئا إياه من تهمة القتل عام 1882 ومؤكدا على اتهامه بشكل خاطئ بالمشاركة بالجريمة.