ما بين عامي 1861 و1865، شغل الجمهوري أبراهام لنكولن منصب الرئيس السادس عشر بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية عقب فوزه بولايتين رئاستين، حيث حقق الأخير نصراً سهلاً بالانتخابات الرئاسية لعام 1860، واضطر لخوض غمار انتخابات عام 1864 التي جرت وقائعها في خضم الحرب الأهلية فحقق نصراً ثانياً وفاز بولاية ثانية قضى منها أسابيع فقط بالمنصب قبل أن يقتل خلال شهر نيسان/أبريل 1865 على يد الممثل الأميركي جون ويلكس بوث (John Wilkes Booth) أثناء حضوره أحد العروض المسرحية بمسرح فورد.
وأثناء فترته الرئاسية التي استمرت أكثر من 4 سنوات، جعل أبراهام لنكولن من نفسه أحد أهم وجوه الولايات المتحدة الأميركية.
فأثناء عهدته، خاض الأخير الحرب الأهلية التي أعادت لم شمل البلاد وحافظت على وحدتها وانتهت بإجهاض العبودية التي أرّقت المنطقة لقرون عدّة وحرمت السود من حريتهم.
شخصية مجهولة
لكن قبل بضع سنوات من انتخابات عام 1860، كان أبراهام لنكولن شخصية مجهولة بالولايات المتحدة الأميركية حيث حضي هذا المحامي الأميركي، المولود يوم 12 شباط/فبراير 1809، خلال بداياته بمسيرة سياسية فاشلة قبل أن يعود مجددا للواجهة أواخر الخمسينيات. إلى ذلك، لعب أحد الخطابات الشعبية التي قدّمها أبراهام لنكولن دورا هائلا في بروز نجمه.
فأثناء فترة عانت خلالها البلاد من حالة احتقان غير مسبوقة بسبب أزمة العبودية، ألقى أبراهام لنكولن أمام مسؤولي الحزب الجمهوري بولاية إلينوي (Illinois) سنة 1858 خطابا استعمل خلاله عبارات "البيت المنقسم على ذاته غير قادر على الثبات".
وأثناء إلقائه لهذه الكلمات، كان لنكولن قد كسب لتوّه ترشيح الحزب الجمهوري لمقعد ولاية إلينوي بمجلس الشيوخ حيث اضطر الأخير حينها لمواجهة الديمقراطي ستيفان أرنولد دوغلاس (Stephen Arnold Douglas) المصنّف ضمن قائمة أبرز الوجوه السياسية بالحزب الديمقراطي. وقد جاء ترشيح لنكولن حينها ليتزامن فترة صعبة بتاريخ الجمهوريين سعى خلالها الحزب الجمهوري، المناهض للعبودية، للبحث عن تسوية أو اتفاق مع الحزب الديمقراطي، المؤيد للعبودية وصاحب الشعبية بالجنوب، للحفاظ على الوضع الراهن الذي يضمن حرية العبيد بالولايات الشمالية.
خطاب مثير للمخاوف
ومع إشارته للبيت المنقسم بخطابه، استعان لنكولن بعبارات من الكتاب المقدس فلمّح لحالة الانقسام التي تعيشها البلاد حول مسألة العبودية كما أشار دون قصد بكلماته لإمكانية اندلاع الحرب الأهلية قبل سنوات من بدايتها. وعلى حسب العديد من المؤرخين، أكد لنكولن من خلال خطاب البيت المنقسم على عدم وجود حل وسط منبها لضرورة اتخاذ موقف واحد فإما أن يكون الأميركي مع الحرية أو مع العبودية مصنفا بذلك نفسه كمساند للحرية ومعتبرا خصمه الديمقراطي دوغلاس كأحد أنصار العبودية.
وخلال بقية الخطاب، تحدّث ابراهام لنكولن عن إمكانية عودة العبودية للولايات الشمالية مستندا في ذلك لما حصل بقضية دريد سكوت (Dred Scott) قبل عام واحد. لكن في المقابل، فضّل الجميع التركيز أكثر على كلمات البيت المنقسم التي زادت من مخاوفهم حول امكانية اندلاع الحرب الأهلية.
خسارة بمجلس الشيوخ ونصر بالرئاسية
وخلال مواجهته لدوغلاس عام 1858، خسر لنكولن بفارق بسيط الانتخابات حول مقعد الولاية بمجلس الشيوخ حيث صنّف كثيرون حينها خطابه حول البيت المنقسم بالمتعصب.
في الأثناء، كسب أبراهام لنكولن شعبية كبيرة بين الأميركيين بعد أن كان شخصية مبهمة. وبفضل ذلك، اختاره الحزب الجمهوري كمرشح للانتخابات الرئاسية لعام 1860 التي حقق خلالها الأخير نصرا تاريخيا.