خلال مسيرته العسكرية والسياسية الحافلة، ارتبط اسم الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت بالعديد من الإكتشافات والإنجازات العلمية. فخلال حملته على بلاد مصر، اصطحب نابليون بونابرت عام 1798 عددا هاما من المختصين في مجال الرياضيات والفيزياء وعلوم الآثار والتاريخ ليقود بذلك حملة علمية رافقت حملته العسكرية فاتحا بذلك الطريق نحو علوم المصريات.
وإضافة للعديد من الإنجازات خلال الحملة على بلاد مصر، تمكّن الفرنسيون من اكتشاف حجر رشيد الذي ساهم خلال العقود التالية في فك رموز اللغة الهيروغليفية.
من ناحية أخرى، أولى بونابرت اهتماما كبيرا بعلوم الفيزياء والكيمياء. فمطلع القرن التاسع عشر، لم يتردد هذا العسكري المختص في مجال المدفعية في دعم الفيزيائي الإيطالي ألساندرو فولتا (Alessandro Volta) مخترع البطارية الكهربائية.
اختراع البطارية
خلال القرن الثامن عشر، أثبت الفيزيائي الإيطالي لويجي غلفاني (Luigi Galvani) وجود كهرباء بالجهاز العصبي والعضلات عقب تجربة الصعق الكهربائي لأرجل ضفدعة. وقد جاءت تجربة غلفاني لتثير جدلا واسعا بين مؤيدي الكهرباء الحيوية من ناحية ومؤيدي الكهرباء الفلطائية من ناحية أخرى.
إلى ذلك، مثّل الفيزيائي الإيطالي ألساندرو فولتا، المولود يوم 18 شباط/فبراير 1745 بمدينة كومو (Como)، واحدا من أهم مؤيدي الكهرباء الفلطائية.
عام 1799، تمكّن ألساندرو فولتا وهو في الرابعة والخمسين من العمر من اختراع أول عمود فلطائي صنّف فيما بعد كأول بطارية كيميائية بالتاريخ. وتتكون هذه البطارية من قطبين تكوّن إحداهما من الزنك بينما صنع الآخر من النحاس وبينهما تواجد إلكتروليت من حمض الكبريت أو محلول عرف بكونه خليط من الماء والملح. وعن طريق هذه البطارية، أظهر فولتا أن الإتصال بين مادتين مختلفتين متصلتين بواسطة موصل قادر على تصنيع الكهرباء.
اللقاء مع نابليون بونابرت
خلال العام 1800، راسل ألساندرو فولتا الجمعية الملكية بلندن واتجه للتعريف بإختراعه بين الفيزيائيين والكيميائيين الأوروبيين.
ومع سماعه بهذا الإبتكار، دعا القنصل الأول الفرنسي نابليون بونابرت، الذي تميّز بإعجابه الشديد بالرياضيات منذ فترة دراسته بالمدرسة الحربية ببريان، الإيطالي ألساندرو فولتا للحضور لباريس لعرض اختراعه. ويوم 7 تشرين الأول/نوفمبر 1801، حلّ فولتا بالمعهد الوطني للعلوم والفنون باريس للتعريف ببطاريته وتفسير طريقة عملها.
وبعد خطاب افتتاحي، باشر فولتا بتقديم اختراعه أمام نابليون بونابرت مثيرا بذلك اعجاب العديد من العلماء بالقاعة. وقد استمرت عملية تفسير طريقة عمل البطارية الكهربائية ثلاثة أيام حيث خصص المسؤولون بالمعهد حينها فترة يومية لفولتا للإجابة على تساؤلاتهم.
إلى ذلك، أثار فولتا إعجاب نابليون بونابرت. ولتكريمه على مجهوداته العلمية، قلّد نابليون بونابرت أليساندرو فولتا ميدالية ذهبية ومنحه رتبة كونت (comte). أيضا، شجع بونابرت على مواصلة العمل العلمي بمجال الكهرباء فأمر بإرساء جائزة لتكريم أهم العلماء بهذا المجال.