خلال مسيرته السياسية، استعان القائد النازي أدولف هتلر بالعديد من الشخصيات الألمانية لبلوغ سدة الحكم والحصول على منصب المستشار أواخر شهر يناير عام 1933. وإضافة لقائد كتيبة العاصفة (Sturmabteilung) الكابتن أرنست روم (Ernst Röhm) والطيار المخضرم بالحرب العالمية الأولى هرمان غورينغ (Hermann Göring) والجنرال إريش لودندورف (Erich Ludendorff)، يذكر التاريخ اسم المرأة الثرية هيلين باكشتاين (Helene Bechstein) التي ساهمت بشكل فاعل في نحت شخصية أدولف هتلر.
مؤسسة مختصة في صناعة الآلات الموسيقية
إلى ذلك، ولدت هيلين باكشتاين، التي حملت عند مولدها لقب كابيتو، بمدينة دوسلدورف (Düsseldorf) الألمانية خلال شهر أيار/مايو 1876. وقد تزوجت الأخيرة من إدوين باكشتاين (Edwin Bechstein) إبن كارل باكشتاين صاحب مؤسسة باكشتاين المختصة في صناعة آلات البيانو الموسيقية. وخلال العام 1923، اتجه الزوجان لشراء أغلب أسهم هذه المؤسسة، التي تعود في الأصل لوالد إدوين، لتبدأ بذلك هيلين حياة مهنية جديدة اختصت خلالها في مجال التسويق لمنتوجات مؤسسة باكشتاين.
وبسبب ميولها وأقوالها المعادية للسامية، تعرضت هيلين للعديد من الانتقادات حيث فضّل العديد من كبار الموسيقيين بتلك الفترة مقاطعة الآلات الموسيقية التي أنتجتها مؤسستها. وأملا في الحصول على مزيد من المال لإعادة هيكلتها ودعم نفوذها بها، اتجهت هيلين عام 1934 لبيع جانب من ممتلكات مؤسسة باكشتاين لصالح الرجل الثاني بالنظام النازي هرمان غورينغ.
دعم الحزب النازي
في الأثناء، التقت هيلين باكشتاين بأدولف هتلر لأول مرة عام 1921 بفضل الصحفي والسياسي ديتريخ إيكهارت (Dietrich Eckart) بإقامة بيرتشسجاردن (Berchtesgaden). وقد أعجبت هذه المرأة بشكل كبير بخطابات القائد النازي التي ألقاها أمام الحاضرين ودعا من خلالها لرفض ما جاء بمعاهدة فرساي وخلق دولة ألمانية للألمان فقط عن طريق التخلص من اليهود الذين لم يتردد في التشكيك في حقيقة جنسيتهم الألمانية.
عقب انقلاب بير هول الفاشل خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1923 واعتقاله من قبل رجال الأمن، تلقى أدولف هتلر زيارات عديدة من هيلين باكشتاين التي واسته وأعادت له الثقة في نفسه معتبرة إياه ابنها بالتبني. مع خروجه من السجن، تلقى أدولف هتلر مزيدا من الدعم من هيلين التي اتجهت لتقديمه للعديد من الشخصيات الألمانية المرموقة كوينيفريد فاغنر (Winifred Wagner)، زوجة ابن الملحن الألماني الشهير ريتشارد فاغنر، وإيلسا بروكمان (Elsa Bruckmann) زوجة المثقف والكاتب هوغو بروكمان.
من ناحية ثانية، دعمت هيلين باكشتاين الحزب النازي ووفرت له موارد مالية هامة لنشر صحيفته التي روّجت للفكر النازي وساهمت في تحسين صورة أدولف هتلر بين الألمان. فضلا عن ذلك، أهدت الأخيرة لأدولف هتلر سيارة مرسيدس تجاوزت قيمتها 26 ألف رايخ مارك.
عقب هزيمة ألمانيا بالحرب العالمية الثانية، استولى الحلفاء على مؤسسة هيلين باكشتاين. وقد اتجه الأميركيون حينها لمنعها من إنتاج الآلات الموسيقية لأكثر من 3 سنوات كما صادروا ما يزيد عن 30 بالمائة من ممتلكاتها. من ناحية ثانية، اعتقلت هيلين لمدة شهرين ووجهت إليها تهمة التعاون مع النازيين قبل أن يطلق سراحها فيما بعد.