بكاميرا متفجرة.. اغتيال أشهر رجل قاوم طالبان

يصنف أحمد شاه مسعود كواحد من أشهر رموز المقاومة الأفغانية ضد الغزو السوفيتي بالقرن الماضي. فضلا عن ذلك، برز الأخير خلال التسعينيات كأحد أشد معارضي وخصوم حركة طالبان التي هيمنت على أفغانستان وأعلنتها إمارة إسلامية ما بين عامي 1996 و2001.

وقبل يومين فقط من أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، تعرض أحمد شاه مسعود للاغتيال، قادها تنظيم القاعدة بمباركة حركة طالبان، أودت بحياته وأنهت مسيرته في مقاومة سلطة الملا عمر.

بداية مسعود ومقاومة السوفيت

ولد أحمد شاه مسعود، يوم 2 أيلول/سبتمبر 1953 بمدينة بازارك بولاية بنجشير لعائلة من أصول طاجيكية حيث كان والده دوست محمد خان كولونيلا بالجيش الأفغاني وعمه عبد الرزاق خان ضابطا بالاستخبارات. وقد انتقلت عائلة مسعود نحو كل من هيرات وكابل حيث ترعرع الأخير بأجواء سياسية مشحونة تميزت بصعود التيار الشيوعي بالبلاد وكان حاضرا عام 1973 على انقلاب محمد داود خان الذي أطاح بحكم الملك محمد ظاهر شاه وأعلن نفسه رئيسا على جمهورية أفغانستان.

إلى ذلك، درس أحمد شاه مسعود بمدرسة الاستقلال وأتقن اللغة الفرنسية قبل أن يتجه فيما بعد للدراسة بمجال الهندسة بجامعة كابل عقب تفوقه في دراسته وحصوله على نتائج جيدة.

أثناء مسيرته، تعلم مسعود العديد من اللغات فكان قادرا على التكلم بالدرية والفرنسية والبشتوية والأردية وطالع العديد من الكتب لكل من الزعيم الصيني ماو تسي تونغ والثائر الأرجنتيني أرنستو تشي جيفارا.

أما خلال فترة دراسته بجامعة كابل، التحق أحمد شاه مسعود بالشباب المسلم التي كانت فرعا طلابيا في الجمعية الإسلامية بقيادة برهان الدين رباني. وعام 1974، كسب الأخير لقب مسعود الذي اعتمده كاسم حركي عقب انخراطه بالمقاومة.

مع بداية التدخل العسكري السوفيتي بأفغانستان، تحوّل أحمد شاه مسعود لأحد أبرز وجوه المجاهدين الأفغان وكسب لقب أسد بنجشير عقب تحصّنه ومقاومته للسوفيت بوادي بنجشير.

ومع نجاحه في طرد السوفيت، وقّع أحمد شاه مسعود على اتفاق بيشاور عام 1992 الذي أعاد السلام لعدد من مناطق أفغانستان ونظّم جانبا من الحياة السياسية بها.

بذلك، حصل مسعود على منصب وزير الدفاع واتجه للقتال لسنوات للدفاع عن العاصمة كابل التي عانت من هجمات ميليشيات كلبدين حكمتيار.

أيضا، اضطر أحمد شاه مسعود بداية من العام 1995 للدفاع عن كابل ضد عناصر حركة طالبان التي كسبت مكانة هامة بالبلاد وفرضت حصارا على العاصمة الأفغانية أسفر عن سقوط عشرات آلاف القتلى.

اغتياله على يد تونسيين

مع تقدم حركة طالبان، أجبر أحمد مشاه مسعود على الرحيل نحو طاجيكستان ليصبح فيما بعد قائدا للتحالف الشمالي المعارض لحركة طالبان والذي هيمن بحلول العام 2000 على أكثر من 5 بالمئة من مساحة أفغانستان.

خلال العام 2001، زار مسعود أوروبا وطالب البرلمان الأوروبي بالضغط على دول الجوار لوقف دعم طالبان ونقل مزيد من المساعدات الإنسانية لأفغانستان.

كما حذر مسعود من تنامي دور حركات إرهابية كتنظيم القاعدة وحذّر من إمكانية قيامها بهجمات ضد أهداف بدول غربية.

يوم 9 أيلول/سبتمبر 2001، أي قبل يومين فقط من أحداث 11 أيلول/سبتمبر، تعرض أحمد شاه مسعود للاغتيال بولاية تخار شمال شرق أفغانستان. فعقب نجاحهما في الحصول على كاميرا تصوير سرقت من مدينة غرونوبل (Grenoble) الفرنسية قبل أشهر، حلّ التونسيان رشيد بوراوي الواعر ودحمان عبد الستار، المنتميان للقاعدة والقاطنان ببروكسل في بلجيكا، بأفغانستان اعتمادا على جوازات سفر بلجيكية مزورة وانتحلا صفة صحافيين مطالبين بإجراء لقاء صحافي مع أحمد شاه مسعود.

وفي خضم هذا اللقاء، أقدم التونسيان على تفجير قنابل كانت مخبأة داخل الكاميرا وحزام البطارية متسببين في إصابات بليغة لأحمد شاه مسعود الذي فارق الحياة عن عمر ناهز 48 عاما أثناء نقله نحو أحد المستشفيات الهندية بطائرة هليكوبتر. وقد أسفر التفجير عن مقتل رشيد بوراوي الواعر في عين المكان بينما أصيب دحمان عبد الستار الذي اعتقل وأعدم في وقت لاحق.

عقب رحيل طالبان عام 2001، منح الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي أحمد شاه مسعود لقب بطل الأمة الأفغانية، كما أطلق اسمه على العديد من الساحات والأحياء.

فضلا عن ذلك، صنّف الأخير، إضافة لكل من جوزيف تيتو (Josip Broz) وهو شي منه (Hồ Chí Minh) وتشي غيفارا، كواحد من أبرز قادة حرب العصابات بالقرن العشرين.

Original Article

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: