منذ بداية الحرب العالمية الأولى، واجهت الإمبراطورية الروسية العديد من المصاعب حيث خسر الروس أعدادا كبيرة من الجنود ضد الألمان بالجبهة الشرقية واضطروا للتراجع مرات عدة أمام التقدم الألماني. وعلى الصعيد الداخلي، واجه الروس بالمدن والقرى ظروفا قاسية اضطروا خلالها لتحمّل النقص الحاد في المواد الغذائية والمجاعة.
وإضافة للخسائر الجسيمة على الجبهة والمجاعة، واجه النظام القيصري الروسي أزمة نقص في اليد العاملة حيث تسببت سياسة التجنيد في إفراغ العديد من المصانع والحقول من العمال الروس. وأملا في تجاوز هذه الأزمة، لجأت الإمبراطورية الروسية للبحث عن يد عاملة غير مكلفة لتجد ضالتها في الصين حيث استقطب المسؤولون الروس مئات آلاف الصينيين، حوالي 200 ألف صيني بحلول العام 1917، لتعويض أبنائهم الذين تخلوا عن أعمالهم ليرسلوا نحو جبهات القتال.
صينيون بروسيا خلال الحرب العالمية
ومع وصول البلشفيين لسدة الحكم عقب ثورة أكتوبر 1917 واندلاع الحرب الأهلية، وجد هؤلاء الصينيون أنفسهم في موقع سيئ. فمع احتدام المعارك، فقد الصينيون وظائفهم ومصدر قوتهم ووجدوا أنفسهم مشردين وغير قادرين على إطعام عائلاتهم كما تعقدت وضعيتهم أكثر تزامنا مع وقوع سيبيريا والموانئ الشمالية والجنوبية في قبضة الجيش الأبيض والحلفاء حيث ساهم ذلك في سدّ طريق عودة أغلبهم نحو الأراضي الصينية.
وأملا في مواجهة هذه الوضعية الصعبة التي وجدوا أنفسهم بها، لم يتردد عدد كبير من الصينيين في الالتحاق بالجيش الأحمر للعمل كمرتزقة في مقابل حصولهم على طعام ومبالغ مالية كافية.
من ناحية أخرى، لم يكن المال والطعام السبب الوحيد الذي دفع الصينيين للالتحاق بالجيش الأحمر. فعلى مدار قرون، قبعت الصين تحت حكم سلالة تشينغ (Qing) وعاشت وضعا شبيها بذلك الذي عاشت على وقعه روسيا خلال فترة حكم سلالة رومانوف (Romanov). وأثناء فترة عملهم بروسيا، تأثر عدد هام من العمال الصينيين الفقراء بالدعاية الشيوعية التي وعدتهم بإنشاء عالم أفضل يحترم حقوق العمال والفلاحين وينهي امتيازات البورجوازيين ويزيل الطبقية من المجتمع. أيضا، انتقد العديد من المسؤولين البلشفيين في وقت سابق عملية اخماد ثورة الملاكمين مطلع القرن العشرين مؤكدين على الحق الشرعي للثوار الرافضين للتدخل الأجنبي ببلادهم.
40 ألف صيني بالجيش الأحمر
إلى ذلك، انضم حوالي 40 ألف صيني للجيش الأحمر ووزعوا بين الفرق العسكرية البلشفية حيث ضمت بعض تشكيلات الجيش الأحمر في خضم الحرب الأهلية ما بين 2000 و3000 آلاف جندي صيني. وقد تواجد الكثير منهم ضمن فرقة المشاة رقم 25 بقيادة فاسيلي تشاباييف (Vasily Chapayev) كما عمل نحو 500 صيني بفرقة الفرسان بقيادة سيمون بوديوني (Semyon Budyonny) فضلا هن ذلك ضمّت فرقة الحرس الخاص بلينين العديد من العناصر الصينيين.
وخلال المعارك، أعجب المسؤولون البلشفيون بالجنود الصينيين حيث لم يتردد هؤلاء في تنفيذ الأوامر خاصة تلك المتعلقة بعمليات الإعدام. فبينما أظهر المجندون الروس بالجيش الأحمر بعض الرحمة والشفقة، لم يتردد الصينيون في تنفيذ أوامر الإعدام ونهب الممتلكات ضد كل من اتهموا بالخيانة حتى ولو كانوا من المزارعين والفقراء.
مع نهاية الحرب الأهلية، لم يتردد كثير من الصينيين في البقاء بروسيا فالتحق بعضهم بقوات الشرطة السرية السوفيتية بينما حبّذ البعض الآخر ترك السلاح والانصهار بالمجتمع الروسي عن طريق الاستقرار بالمدن الروسية والزواج من نساء روسيات. وفي المقابل، فضّل آخرون العودة لوطنهم ليلتحقوا فيما بالشيوعيين الصينيين، بقيادة ماو تسي تونغ، مستغلين الخبرة العسكرية التي حصلوا عليها بروسيا.