أثناء الحقبة الستالينية، كانت أوكرانيا، التي مثلت جزء من الإتحاد السوفيتي، مسرحا للعديد من المذابح والمجاعات التي أسفرت عن سقوط ملايين الضحايا. فإضافة لضحايا الهولودومور (Holodomor)، أي المجاعة بأوكرانيا ما بين عامي 1932 و1933، المقدر عددهم بأكثر من 2.5 مليون ضحية وعملية اجتثاث الكولاك وضحايا المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية خلال عملية الانسحاب عام 1941، يذكر التاريخ مذبحة مدينة فينيتسا (Vinnytsia) التي راح ضحيتها الآلاف بفترة وجيزة أواخر الثلاثينيات.
التطهير العظيم
عقب الحرب الأهلية الروسية والمجاعة الأولى ما بين عامي 1921 و1922، اضطرت أوكرانيا لمواجهة ويلات النظام الستاليني الذي أحكم قبضته على البلاد. فمع نجاحه في التخلص من أبرز منافسيه السياسيين، اتجه جوزيف ستالين لملاحقة أولئك الذين شكك في معارضتهم لسياسته ورفض الإنصياع للنظام السوفيتي الجديد.
وعقب مجاعة الهولودومور (Holodomor) التي أودت بحياة الملايين وعملية تهجير وإبادة الكولاك، اضطرت أوكرانيا لتحمّل تبعات اغتيال سيرغي كيروف (Sergei Kirov) مطلع كانون الأول/ديسمبر 1934 والتي أسفرت عن بداية عمليات التطهير العظيم الذي تسبب ما بين عامي 1936 و1938 في مقتل ما لا يقل عن 700 ألف شخص ممن اتهمهم ستالين بالخيانة ومساندة الفاشية والترويج لأفكار مضادة للنظام.
وفي خضم هذه الأحداث الدامية، واجهت مدينة فينيتسا الأوكرانية مصيرا قاتما على يد قوات مفوضية الشعب للشؤون الداخلية، المعروفة أكثر بأن كا فيه دي (NKVD)، التي حلّت بالمكان لملاحقة عدد من المتهمين وعائلاتهم.
11 ألف جثة
ما بين عامي 1937 و1938، اعتقلت قوات مفوضية الشعب للشؤون الداخلية حوالي 30 ألفا من سكان فينيتسا. وبناء على العديد من المصادر، مرّ ما لا يقل عن 28 ألفا منهم بسجن ومكتب التحقيق بالمدينة قبل أن يختفوا عن الأنظار حيث واجه هؤلاء مصيرا تراوح بين الترحيل نحو مراكز العمل القسري والإعدام.
عقب دخول الألمان لأوكرانيا في خضم عملية غزو الإتحاد السوفيتي، المعروفة بعملية بربروسا، التي انطلقت يوم 22 حزيران/يونيو 1941، قدّم أهالي فينيتسا معلومات للقوات الألمانية حول مواقع مقابر جماعية دفن بها أفراد مفوضية الشعب للشؤون الداخلية القتلى الذين سقطوا ما بين عامي 1937 و1938.
وخلال شهر أيار/مايو 1943، باشرت القوات الألمانية بإستخراج جثث الضحايا بهدف عرضها على الكاميرات لأهداف دعائية كانت الغاية منها إظهار الوجه اللاإنساني للاتحاد السوفيتي.
وحسب التحقيقات التي أجريت حينها، تمكن الألمان من استخراج جثث 11 ألفا من سكان فينيتسا كان من ضمنهم المئات من النساء.
فضلا عن ذلك، أكّد الخبراء أن عمليات الإعدام جرت بإستخدام ذخيرة 22 البندقية الطويلة (22 Long Rifle) وقد احتاجت عمليات الإعدام أحيانا أكثر من رصاصة لقتل الضحية. أيضا، أثبتت التحقيقات أن العديد من الجماجم قد حملت آثار كسور وإصابات بليغة مما يؤكد تعرض الضحايا لعمليات تعذيب قبل قتلهم.