طيلة فترته الرئاسية التي استمرت لنحو 8 أعوام، رفض جورج واشنطن (George Washington)، المصنف كأول رئيس بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية، أي تدخل أجنبي بشؤون بلاده. وخلال خطابه الوداعي عام 1796، حذّر واشنطن من خطورة تجريد الولايات المتحدة الأميركية من جزء من سيادتها وجعلها قابعة تحت التأثير المباشر للقوى الأجنبية.
خوف من الحلفاء الأوروبيين
وإضافة لجورج واشنطن، كان بقية الآباء المؤسسين الذين اجتمعوا بفيلادلفيا عام 1787 على دراية مطلقة بخطورة وقوع دولتهم حديثة النشأة تحت نفوذ قوى أجنبية. فعقب تخلصهم من البريطانيين على إثر حرب الاستقلال، تخوّف عدد هام من كبار الشخصيات الأميركية من إمكانية وقوع بلادهم تحت تأثير حلفائها السابقين من القوى الأوروبية وعلى رأسهم المملكة الفرنسية التي عانت من مشاكل مادية هائلة، بسبب مشاركتها لجانب الأميركيين بحرب الاستقلال.
من جهة ثانية، كان عدد من الآباء المؤسسين من أمثال فرانكلين بنجامين (Benjamin Franklin) وتوماس جيفرسون (Thomas Jefferson) على دراية مطلقة بنظام عمل السياسة الخارجية للعديد من الدول الأوروبية والمؤامرات التي كانت تحاك في الخفاء حيث تقلد هذان الرجلان لسنوات عدة مناصب دبلوماسية هامة بأوروبا، كان أبرزها منصب سفير الولايات المتحدة الأميركية بفرنسا.
وبأوروبا مثلت الزيجات الملكية بين مختلف العائلات الحاكمة ومنح ألقاب النبالة والهدايا القيمة أبرز الطرق للتقرب لحاكم دولة ما وكسب عطفه والتأثير عليه. وأملا في الحفاظ على سيادة بلادهم وتجنب وقوعها تحت نفوذ طرف أجنبي، اتجه الأميركيون للجانب القانوني أملا في سن قانون يحمي البلاد من مثل هذه التهديدات.
شرط المكافآت الأجنبية
ولإنقاذ الولايات المتحدة الأميركية من إمكانية وقوعها تحت أي تأثير أجنبي، لم يتردد المشرّعون الأميركيون في سن الشرط الثامن من الجزء التاسع بالفقرة الأولى من الدستور والتي عرفت باختصار لدى كثير من المؤرخين بشرط المكافآت الأجنبية.
وبموجب هذا البند الموجود بالدستور الأميركي، يمنع الرئيس والسفراء والوزراء وممثلو الشعب المنتخبون من الحصول على أي هدايا أو ألقاب نبالة من ملوك وأباطرة دول أجنبية دون الرجوع للكونغرس.
قانون العزل
وعلى حسب ما دوّنه جيمس ماديسون (James Madison)، اعتبر أغلب المشرعين الأميركيين، وعلى رأسهم غوفرنر موريس (Gouverneur Morris)، مبدئيا ما جاء بشرط المكافآت الأجنبية كافيا لحماية البلاد. لكن مع تيقّنهم من حجم التهديد الذي يهدد الولايات المتحدة الأميركية بسبب التأثير الأجنبي خلال هذه الفترة المبكرة من تاريخها، فضّل المشرعون وضع بند جديد يسمح بعزل الرئيس عن طريق الرجوع للكونغرس لتجريده من صلاحيات.
وأثناء العمل على هذا البند الجديد، أكّد المشرعون على سهولة حصول الرئيس على الهدايا والرشوة من الأطراف الأجنبية مستعينين لتأكيد استنتاجهم على مثال ملك إنجلترا تشارلز الثاني (Charles II) الذي تلقى رشاوى من ملك فرنسا لويس الرابع عشر (Louis XIV) مقابل السماح بنشر الكاثوليكية بإنجلترا ودعم فرنسا بحربها ضد جمهورية هولندا.