بدأت الشركة السعودية للقاحات (سعودي فاكس) -ومقرها مجمع الأبحاث والتقنية في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) السعودية، حديثًا، في شراكة بحثية مع خبراء من كلية طب بيتسبرج الأمريكية وشركة ميرك فرانس بهدف تطوير عقار وقائي من الفيروسات التاجية كفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) المسبب لمرض كوفيد-19.
وكانت سعودي فاكس المتخصصة في صناعة اللقاحات والأدوية الحيوية دخلت في فبراير/شباط العام 2020 ضمن شراكة تعاونية مع مركز علاج الأجسام المضادة التابع لقسم الأمراض المعدية في جامعة بيتسبرج الأمريكية لتطوير علاج وترخيصه لمنطقة الشرق الأوسط، وتعمل الشركة، أيضاً، مع خبراء وعلماء من قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في كاوست.
تقنية الأجسام المضادة
وقال المدير التنفيذي لشركة سعودي فاكس الدكتور مازن حسنين، بحسب الموقع الإلكتروني لكاوست، إن سعودي فاكس هي جزء من فريق عالمي يعمل على تطوير دواء جديد لمكافحة فيروسات السلالة التاجية (فيروس سارس كوف-2) باستخدام الأجسام المضادة التي يتم حقنها في جسم المصاب بحيث ترتبط هذه الأجسام المضادة بالفيروس وتعمل على تعطيله، ويمكن استخدام هذا الدواء كعلاج للفيروس وكلقاح وقائي للحد من انتشاره.
وأضاف إن هذه الأجسام المضادة تعطل الحماية من العدوى لغير المصابين بفيروس كورونا المستجد، من خلال البقاء في جسم الإنسان والاستجابة بمجرد دخول الفيروس إلى مجرى الدم، أما بالنسبة للمصابين بالفيروس، فإن الجسم المضاد يعمل على تقييد الفيروس المنتشر داخل الجسم ويوقفه عن العمل.
ما الخطوات اللازمة لتسويق العلاج بالأجسام المضادة؟
وقال الدكتور مازن إن العلاج بالأجسام المضادة لا مازال في مراحله الأولى من التطوير، مؤكدًا على أن عليهم كثير من «من الخطوات المطلوبة للخروج بعلاج ناجع لهذه الجائحة، لقد وقعنا على عقد لبدء التصنيع مع شركة الأدوية الحيوية ميرك فرانس؛ نظراً لعدم وجود مرافق تصنيع دوائية مناسبة في المملكة العربية السعودية والدول العربية حتى الآن.»
وأضاف «سنبدأ التجارب السريرية في الوقت نفسه الذي يبدأ فيه تصنيع الدواء، وستكون التجارب السريرية الأولى لأشخاص من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وسنعمل على إتاحة الدواء بحلول نهاية العام 2021، وسيكون أول علاج جديد بالأجسام المضادة لفيروس كورونا المستجد متاح لهاتين الدولتين».
أهمية دور الجامعات البحثية
وقال الدكتور مازن «إذا ألقيت نظرة على الأخبار المتعلقة بعلاج الأمراض أو الوقاية منها أو تشخيصها، فسترى فيها ذكرًا لأسماء الجامعات المميزة في هذا المجال إلى جانب الشركات المتعاونة في البحث والجهات المصنعة، ولا شك أننا بحاجة كبيرة للجامعات ولنقل التقنية كي ننجح في هذا المجال، فهذا التعاون ضروري جدًا لتحقيق الأهداف المشتركة.
وبصرف النظر عن مدى قوة أي مؤسسة أو كيان، فإن نقص التكامل التعاوني يحد من القدرة على إحداث تأثير كبير، وبالنسبة لسعودي فاكس فإن تحقيقنا لذلك لم يكن ليحدث دون دعم كاوست.»
وبالفعل، فإن معهد إدوارد جينر وجامعة أكسفورد البريطانيين -والعريقين في إنتاج اللقاحات- تعاونا مع شركة أسترا زينيكا البريطانية لإنتاج الأدوية على إنتاج لقاح لفيروس كورونا المستجد؛ وهو اللقاح المتصدر للسباق العالمي في التجارب السريرية من أصل نحو 165 مجموعة بحثية تعمل، حاليًا، على أبحاث لقاحات خاصة بفيروس كورونا المستجد بمراحله الثلاث (قيد التجارب المعملية، المرحلة الثانية من التجارب السريرية، والمرحلة السريرية الأخيرة).
ومن المفترض الإعلان عن هذا اللقاح في نهاية سبتمبر/أيلول 2020 أو بداية أكتوبر/تشرين الأول 2020، وفق ما شرحه الدكتور أحمد محمود سالمان؛ دكتور ومدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات بمعهد إدوارد جينر، وزميل كلية كيلوج بجامعة أكسفورد في حديث سابق لمرصد المستقبل.
وحتى الآن، لا يوجد لقاح أو علاج فعال بشكل تام معتمد لكوفيد-19؛ وهو المرض الرئوي شديد العدوى الذي ينتج عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد، الذي تسبب بموت نحو 900 ألف شخص وأصيب به أكثر من 24 مليون حول العالم.
أهمية الأبحاث والتصنيع الدوائي الحيوي
وقال الدكتور مازن «أظن أن الناس بدأوا يدركون أهمية الأبحاث الدوائية والتصنيع الدوائي الحيوي في إيجاد حلول ناجحة لجائحة فيروس كورونا المستجد وغيره من الأوبئة، وحتى الآن، تفتقر صناعة اللقاحات في الشرق الأوسط إلى مكونات التطوير والتصنيع؛ وهما خطوتان مهمتان لعملية تطوير اللقاح التي تتبع مرحلة الاكتشاف الأولية، إلا أني متفائل جداً بأن حلول هذه الجائحة وغيرها من المشاكل الصحية العالمية الأخرى هي اليوم في متناول أيدينا».
كيف نشأت الشراكة؟
وأوضح الدكتور مازن إن البحث عن شركاء «بدأ في الأيام الأولى لتفشي فيروس كورونا المستجد، تحديداً في يناير/كانون الثاني 2020، وكنا على يقين أن اللقاحات الحالية لن تجدي نفعاً ضد هذا الفيروس سريع الانتشار، ولن يتوفر أي لقاح ناجح في الوقت المناسب، لذلك قررنا الانتقال من أبحاث اللقاحات النقية إلى مجال الأجسام المضادة أحادية اللون».
موضحًا أن لفريق جامعة بيتسبرج وشركة ميرك فرانس «سجل حافل في هذا المجال، إذ سبق أن نجحا في تطوير ثلاثة أجسام مضادة مختلفة لأمراض أخرى، ومنها فيروس هيندرا؛ وهو أحد الفيروسات الحيوانية القاتلة التي تنتقل عن طريق الخفافيش.»
وأضاف إن الأمر بدأ «بمحادثات بين الفريقين تبين خلالها توائم مصالحنا وأهدافنا إلى حد كبير، مع التركيز المتبادل على الرغبة بتطوير حل فعال لجائحة فيروس كورونا المستجد، وسرعان ما تطور ذلك إلى تعاون أكبر».
الأول من نوعه في المنطقة العربية
يعد المركز السعودي للقاحات البروتينات العلاجية لصناعة وتطوير اللقاحات، الذي دُشِن في ديسمبر/كانون الأول العام 2020، أول مركز بحثي وصناعي في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط لتطوير اللقاحات والمنتجات الصيدلانية الحيوية (البيولوجية).
وعكس الأدوية الكيمائية التقليدية، فإن الأدوية الحيوية -التي ظهرت قبل حوالي 20 سنة، ويبلغ عددها الآن أكثر من 180 دواء- هي علاجات تصنع عبر تقنيات الهندسة الوراثية داخل الخلايا الحية، أي أنها تستخرج من مصادر حيوية مثل البكتيريا والفطريات. وأحدثت هذه الأدوية ثورة في مجال علاج بعض الأمراض، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والسكري والسرطان. ومن أهم أنواعها الأجسام المضادة العلاجية التي يمكن استخدامها لمهاجمة أمراض معينة بدقة أعلى من الأدوية الكيميائية التقليدية. ومن الأمثلة على الأدوية الحيوية الأنسولين والأجسام المضادة العلاجية المهندسة وراثيًا.
The post تعاون سعودي أمريكي لتطوير لقاح لكوفيد-19 في السعودية بنهاية 2021 appeared first on مرصد المستقبل.