يقع أرخبيل بورتوريكو (Puerto Rico) على بعد نحو ألف ميل جنوب شرق ولاية فلوريدا ويصنف منذ تاريخ انتزاعه من قبضة الإسبان ضمن قائمة الأراضي التابعة للولايات المتحدة الأميركية. وعلى الرغم من تواجد 3.2 مليون مواطن أميركي ببورتوريكو التي تفوقت من حيث عدد السكان على ولايات كنيفادا ومسيسيبي ونيومكسيكو وكنساس، لا يصنف هذا الأرخبيل كولاية أميركية. فضلا عن ذلك، يخضع سكان بورتوريكو للقانون الفيدرالي الأميركي. وفي المقابل، لا يحق لسكانها التصويت بالانتخابات الرئاسية الأميركية ولا يمتلكون أي نائب بالكونغرس.
ضم بورتوريكو لأميركا
منذ نزوله بها عام 1493، أعلن المستكشف الإيطالي الأصل كريستوف كولومبوس ملكية التاج الإسباني لأرخبيل بورتوريكو التي قطنها حينها شعب التاينو (Taïnos). وعلى مدار 4 قرون، ظلت بورتوريكو ملكا للإسبان الذين فرضوا بها نظاما اعتمد على الضرائب والقمع متسببين في ارتفاع نسبة الفقر بين سكانها.
وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، باشر سكان بورتوريكو بالتمرد على سلطة الإسبان. وعام 1868، شهدت هذه المنطقة ثورة، طالبت بالاستقلال، قمعها الإسبان بالحديد والنار. وقد مثلت هذه الثورة بداية ظهور التوجهات التحررية بالبلاد حيث اتجهت أغلب الحركات السياسية للمطالبة برحيل الإسبان. وأمام هذا الوضع، رضخ المسؤولون عن الأرخبيل لتطلعات الأهالي ووافقوا على منحهم حزمة من الحقوق أجهضت العبودية ووفرت لبورتوريكو جانبا من الاستقلالية.
إلى ذلك، تواصل الوجود الإسباني بالمنطقة لثلاثة عقود أخرى. فعام 1898، اندلعت الحرب الأميركية الإسبانية التي مهدت الطريق لرحيل الإسبان. ويوم 25 يوليو من نفس العام، تمكنت القوات الأميركية من دخول بورتوريكو ومكثت بها لأشهر قبل أن تحصل عليها بشكل نهائي عقب توقيع اتفاقية السلام الأميركية الإسبانية التي تنازل بموجبها الإسبان عن كامل حقوقهم الاستعمارية ببورتوريكو لصالح الأميركيين.
كومنولث بورتوريكو
ومنذ حصولها على بورتوريكو، عينت الولايات المتحدة الأميركية على الأرخبيل حاكما عسكريا أدار شؤون المنطقة لحدود يوم 12 أبريل 1900. وبموجب قانون فوريكر (Foraker Act)، عيّن الأميركيون لاحقا حكومة مدنية على بورتوريكو واتجهوا لتصنيفها، خلافا لبقية الولايات الأميركية، كإقليم غير منظّم.
من ناحية أخرى، تخوّف عدد من المشرعين الأميركيين من إمكانية اختلاط الأميركيين البيض بالسكان السود والسمر ببويرتوريكو. ولهذا السبب، رفض المشرعون حينها منح هذا الأرخبيل صفة ولاية واتجهوا لإقرار نوع من الحكم الذاتي به ومنعوا سكانه من الحصول على الجنسية الأميركية.
عام 1917، مرر الكونغرس الأميركي قانون جونز شافروث (Jones-Shafroth Act) الذي حصل بموجبه سكان بورتوريكو على جنسية أميركية محدودة ومقيدة بشروط. وخلال نفس الفترة، مرر المشرعون الأميركيون قانونا آخر سمح بتجنيد سكان الأرخبيل بالجيش الأميركي ليجد على إثر ذلك 20 ألفا منهم على جبهات القتال بأوروبا في خضم الحرب العالمية الأولى.
وبعد نحو 3 عقود، مرر الكونغرس الأميركي عام 1950 قانونا سمح لأهالي بورتوريكو بالحصول على دستور خاص بهم واعتماد نظام جمهوري ووثيقة حقوق إنسان. وبموجب هذا الدستور الجديد الذي وافق عليه الكونغرس والرئيس الأميركي عام 1952، حصل الأرخبيل على اسم كومنولث بورتوريكو وظل تابعا للولايات المتحدة الأميركية. وبسبب تواصل نفوذ ودور الكونغرس الأميركي عليها، وصف كثيرون بورتوريكو بالمستعمرة الأميركية على الرغم من حصولها على لقب كومنولث.