شهد قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، تغييرات كثيرة في البنية التحتية والإجراءات، لتعزيز قطاع الخدمات الصحية والتصدي لجائحة كوفيد-19.
وذكرت شركة نايت فرانك للاستشارات العقارية، إن دولة الإمارات أصبحت إحدى أكثر البلدان أمانًا في العالم في مكافحة الجائحة. وقال شهزاد جمال، رئيس قسم الرعاية الصحية والتعليم في نايت فرانك في المنطقة، في بيان تلقى مرصد المستقبل نسخة منه، إن «جائحة كوفيد-19 تمثل تحديًا لأنظمة الرعاية الصحية العالمية، من جوانب البنية التحتية وتقديم الخدمات والتمويل وغير ذلك. ومكّن البلدان من فحص فجوات البنية التحتية بعناية، والنظر في وسائل بديلة؛ مثل الرعاية الصحية عن بعد، ولفت نظر المستثمرين التقليديين جديًّا لتمويل القطاع.»
التأثير الاقتصادي
وامتدت تبعات الجائحة لتطال صحة الأفراد وموارد الرعاية الصحية عالميًا، وما زال مقدار تأثيره الاقتصادي غير معروف بدقة، إلا أنه تسبب بأزمة دفعت الشركات إلى خفض عدد الموظفين، أو إعطائهم إجازات مفتوحة، أو خفض حزم المكافآت، أو مزيج من هذه الإجراءات الثلاثة، ويبدو أن الانخفاض في نسبة التوظيف سيؤثر في قطاعات الرعاية الصحية الخاصة في دولة الإمارات ومختلف دول العالم.
تبعات اجتماعية
وتسبب الإغلاق العام بتبعات اجتماعية، منها زيادة الطلب على بعض خدمات الرعاية الصحية؛ مثل الرعاية الوقائية والرعاية الصحية المنزلية والنفسية؛ وقال الدكتور شاجير جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة في بي إس هيلث كير «أدى القلق ونمط الحياة الرتيبة بسبب الإغلاق إلى زيادة الطلب على خدمات الصحة العقلية والتخصصات المتعلقة بأمراض نمط الحياة، سواء في العيادات الخارجية أو على المنصة الرقمية، وبعد بدء عودة الوضع إلى طبيعته، يحتاج مقدمو الرعاية الصحية إلى التركيز على هذه القطاعات فورًا لمساعدة المرضى على العودة إلى نمط حيواتهم قبل الجائحة.»
تداعيات مالية
وذكر تقرير نايت فرانك إن قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات يواجه تراجعًا على المدى القصير والمتوسط، نتيجةً لتباطؤ النشاط الاقتصادي، وتدابير إبطاء انتشار الفيروس، إذ واجه عديد من مقدمي الخدمات انخفاضًا ملحوظًا في الموارد المالية، بسبب تعليق العمليات الجراحية غير الحرجة، والزيارات غير الضرورية إلى المستشفيات.
وأضاف التقرير إن «ارتفاع احتمال تراجع الطلب وتدهور الوضع المالي لبعض مقدمي الخدمات الصحية قد يتسبب بعمليات اندماج في القطاع، إذ ستستحوذ الشركات الغنية بالسيولة على الشركات المتعثرة لتعزيز مركزها في السوق.»
الاعتماد على التقنيات الجديدة
ويبدو أن الجائحة ضاعفت استخدام مصطلحات؛ مثل التحول الرقمي والرعاية الصحية عن بعد، لتكتسب عناصر جذب جديدة في مختلف القطاعات، وبدأنا نشهد توفر خدمات الرعاية الصحية عن بعد، وصور الأشعة عن بعد، وتجارة تجزئة الصيدليات عبر الإنترنت، وتبناها مقدمو الرعاية الصحية في دولة الإمارات؛ وقالت الدكتورة ابتسام البستكي، مديرة مكتب الاستثمار الصحي والشراكة في هيئة الصحة في دبي «خلال الأزمة، تبنينا الخدمات الصحية عن بعد، فهي أداة رائعة لبناء علاقة بين المرضى ومتخصصي الرعاية الصحية في مختلف المجالات، لضمان جودة الخدمات.»
وحتى وقت قريب، لم يلقَ مفهوم الاستشارة الطبية عن بعد، استحسان معظم المرضى، على الرغم من توفر الخدمة في دول متقدمة، في ضوء غموض آليات الدفع، ولكن ظروف الإغلاق دفعت معظم مرافق الرعاية الصحية والمرضى إلى تقبل الفكرة؛ وقال الدكتور جيريش كومار، مدير الرعاية الصحية والتعليم في نايت فرانك في المنطقة «كان اعتماد الرعاية الصحية عن بعد كخدمة مفيدًا لمقدمي الرعاية الصحية أثناء الإغلاق، إذ قدموا الخدمات لمرضاهم دون انقطاع تقريبًا، ما أزال تردد المرضى. ونتوقع ازدياد الطلب على الخدمات عن بعد مستقبلًا، نظرًا لانتشار قبول الخدمات الصحية عن بعد في أوساط مقدمي خدمات التأمين.»
عوامل مشجعة
وأشارت نايت فرانك إلى جملة عوامل لعبت دورًا محوريًا في تسريع إدخال التقنية؛ هي تفضيل خيار الرعاية الصحية عن بعد، في ظل التخوف من الإصابة بعدوى المستشفيات. ودعم الإقبال على الخدمات الصحية عن بعد، توجه مقدمي الرعاية الصحية لإدخال التقنية، مع تزايد عدد مزودي تأمين يقبلون الخدمات الصحية عن بعد كخدمة مدفوعة.
ومن العوامل الداعمة للتقنية أيضًا، توفير الوقت، إذ تختصر خدمة الرعاية الصحية عن بعد الوقت الإجمالي من ساعتين إلى ثلاث ساعات، ليصبح أقل من نصف ساعة، في ظل الاستغناء عن أوقات التنقل والتسجيل والانتظار والاستشارة.
ويبدو أن التقنية تناسب أسلوب حياة الجيل الجديد من الشباب، الذي يميل إلى الراحة واختصار الوقت وزيادة الاعتماد على التقنيات الحديثة؛ وقال جو حويك، المدير التنفيذي لشركة في هيلث في المنطقة «لاحظنا ازدياد الطلب على الخدمات الطبية عن بعد في المنطقة، خلال فترة الإغلاق، لأن الناس أرادوا البقاء في المنزل على الرغم من حاجتهم إلى التحدث مع الطبيب، وستبقى فوائد الخدمات الصحية عن بعد؛ مثل الراحة والأمان وانخفاض التكلفة، ماثلة حتى بعد انتهاء الجائحة.»
الآفاق المستقبلية
وأوصت نايت فرانك بضرورة دعم الخدمات الصحية عن بعد، من خلال وضع إطار تنظيمي قوي وإرشادات توجيهية مشابهة لنموذج تقديم الرعاية الصحية التقليدي، وزيادة الجهود للوصول إلى الاكتفاء الذاتي الكامل، لتوفير الموارد البشرية المتخصصة والمعدات الطبية والمواد الاستهلاكية، ما يساعد في ضمان استعداد دولة الإمارات للتصدي لأوبئة وشيكة أو أزمات مماثلة لأزمة كوفيد-19.
The post تقرير: الرعاية الصحية عن بعد في الإمارات تزدهر بسبب أزمة كوفيد-19 appeared first on مرصد المستقبل.