أكبر هدية يقدمها علم الفلك للبشرية بأعياد الميلاد ورأس السنة المقبلة بعد شهرين، قد تكون بأهمية وصول الانسان الى القمر وسيره في 1969 على سطحه، لأن ما أطلقوا عليه اسم James Webb Space Telescope المقرر اطلاقه في 18 ديسمبر المقبل، ليخلف تلسكوب "هابل" الشهير، فيما لو جرت الأمور كما برمجتها 3 وكالات فضائية، أنفقت 10 مليارات دولار و25 سنة بصنعه وجمع أجزائه، سيتيح للانسان رؤية ما لا عين رأت قبل الآن، الا في المنام أو الأفلام.
انه تلسكوب، استمدوا اسمه ممن كان ثاني مدير بين 1961 الى 1968 لوكالة "ناسا" الأميركية، وهو James Edwin Webb الراحل في 1996 بعمر 86 سنة، وسيحمله الى الفضاء صاروخ Ariane 5 من مركز للاطلاق الفضائي بمنطقة "كورو" الادارية في "غويانا" الفرنسية، قرب حدود البرازيل، ليسترق النظر على الكون من ارتفاع مليون و500 ألف كيلومتر عن الأرض، وطوال 10 سنوات، في مشروع بين "ناسا" ووكالة esa الفضائية الأوروبية، اضافة للمعروفة بأحرف CSA اختصارا لاسم وكالة الفضاء الكندية.
من ذلك الارتفاع الذي لم يثبت فيه أي جهاز صنعه الانسان قبل الآن، سيعيد JWST العلماء "إلى تاريخ الكون الزمني أكثر من أي وقت مضى" بحسب ما ذكر مدير "ناسا" في بيان أصدره Bill Nelsonقبل شهر، ووصف فيه التلسكوب بأنه "إنجاز هائل، سيغيّر نظرتنا للكون ويزودنا بمعلومات عنه مذهلة، لأنه سيخترق الزمن وينظر إلى الوراء على مدى يزيد عن 13 مليار عام، إلى حيث شعّ ضوء بعد الانفجار الكبير مباشرة، وبذلك نقترب جدا من حل الكثير من ألغاز هذا الكون العظيم" كما قال.
والتلسكوب هو أيضا "وحش جديد تماما ومختلف" طبقا لما قالته Marcia Rieke أستاذة علم الفلك بمرصد "ستيوارد" التابع لجامعة أريزونا، في بيان منفصل قالت فيه إن Web بحسب ما يختصرون اسمه أيضا، هو مثل Hubble الذي سيتقاعد العام المقبل بعد أن عمل طوال 32 سنة على ارتفاع 550 كيلومترا عن الأرض، اضافة لآخر أطلقته "ناسا" باسمSpitzer قبل 17 عاما "الا أن ويب سيحدث ثورة في فهمنا للكون. وسيكتشف مجرات أقرب في الزمن إلى الانفجار العظيم" وفقا لما لدى مارسيا ريك من معلومات عن التلسكوب البالغ وزنه أكثر من 6 أطنان، فيما تزيد نقاوة رصده 100 مرة عن رصد "هابل" الشهير.
ويرصد "ويب" الكون عبر أشعة تحت الحمراء، قريبة ومتوسطة، موجاتها أطول من الضوء المرئي نفسه، بحيث يصل برصده الى فترة مداها الزمني من 100 الى 250 مليون سنة بعد الذي يسميه العلماء Big Bang أو الانفجار العظيم، وهي فترة زمنية مهمة، لأنها صغيرة جدا نسبة لعمر الكون البالغ أكثر من 13 مليار و700 مليون عام، ولأن أوائل النجوم والمجرات والسدم، ظهرت فيها واتخذت مع غيرها فيما بعد شكل الكون الذي ظهر الى الوجود، متوسعا بلا توقف حتى اليوم.
أحدث الكاميرات وأجهزة قياسات الطيف
وفي الفيديو المعروض أدناه، المزيد عن "ويب" الذي بدوأ في 1996 بصنعه، ثم تجميع أجزاءه طوال 8 أعوام مضت في مركز تابع لوكالة NASA بولاية ماريلاند، طبقا لما قرأت "العربية.نت" بسيرته، الوارد فيها أن عرضه 4.5 بارتفاع 10.5 أمتار عند طيه، اضافة لاحتوائه على أحدث الكاميرات وأجهزة قياسات الطيف، مع تقنيات متطورة تكفل تحقيق رصد كامل المواصفات بامتياز كبير.
الا أن أهم ما في التلسكوب الذي سيبدأ في مارس المقبل بارسال صور لما سيرصد، هي مرآة فلكية، وصفوها بالأكبر على الإطلاق، فقطرها 6.5 أمتار، ومحمية بغطاء من 5 طبقات، يحافظ على برودة كل ما فيه من مرايا وأجهزة، تمنع وصول الأشعة تحت الحمراء من الأرض والقمر والشمس الى أكبر وأقوى تلسكوب عرفه الفضاء للآن، الى درجة أن بامكانه العثور على بصمة حياة في كواكب مجرات أخرى بأقل من 60 ساعة.